اقتضاء الماهية لوجود نفسها؟.
الثالث : إن الماهية الموجودة قابلة للوجود. وقابلية الوجود [سابقة على حصول الوجود. ثم نقول : قابلية الوجود صفة خارجة عن الماهية ، لأن قابلية الوجود] (١) نسبة مخصوصة بين الماهية وبين الوجود ، والنسبة بين الأمرين مغايرة لذات كل واحد منهما ، فقابلية الماهية للوجود صفة خارجة عن الماهية لازمة لها ، فتكون [معلولة الماهية لقابلية الوجود لا تكون مشروطة بالوجود ، لأن الوجود متأخر بالرتبة عن قابلية الوجود ، والمتأخر] (٢) لا يكون شرطا للمتقدم. فيثبت : أن اقتضاء الماهية لهذا الحكم ، غير مشروط بالوجود ، وإذا كان كذلك ، فلم لا يجوز أن يقال : إن اقتضاء الماهية للوجود لا يكون مشروطا بوجود آخر؟ وحينئذ يندفع ما ذكرتموه.
فإن قالوا : فالماهية إذا لم يكن اقتضاؤها للوجود ، مشروطا بكونها موجودة. فحينئذ يجوز كونها مقتضية للوجود حال عدمها. فحينئذ يلزم كون المعدوم علة للموجود ، وذلك محال. فنقول : لا شك أن قبول الماهية للوجود غير مشروط بكونها موجودة ، ثم مع هذا لا يلزم أن يقال : المعدوم موصوف بالوجود. وإذا لم يلزم هذا في جانب القبول ، فكذلك مثله في جانب التأثير. وتحقيق القول فيه : أن الماهية من حيث إنها هي ، مغايرة لكونها موجودة أو معدومة. وإذا كان الأمر كذلك فقد سقطت هذه الحجة التي عولوا عليها من جميع الوجوه.
__________________
(١) من (ز).
(٢) في (س) : فتكون معلولة لها ، باقتضاء الماهية لقابلية الوجود ، لا يكون مشروطا للمتقدم ... الخ.