بالبعد باطل. وصعوبة هذه المسألة تظهر في مباحث مسألة المكان. وأما الزمان فقد حارت العقول ودارت الرءوس في معرفته ، وإذا تأملت في مسألة الزمان وأحاط عقلك بما في تلك المسائل من الدقائق العميقة (١) ، والمباحث الدقيقة ، علمت أن هذه المسألة قد بلغت إلى أقصى الغايات ، وأبلغ النهايات في الصعوبة (والخفاء) (٢).
وثالثها : العلم بحقيقة الجسم ، وقد حارت العقول أيضا في أنه هل هو مركب من الأجزاء التي لا تتجزأ ، أو ليس الأمر كذلك ، بل هو قابل للقسمة إلى غير النهاية؟
ومن خاض في تلك المسألة وعرف قوة الدلائل من الجانبين ، علم أنه لا حاصل عند العقل إلا الحيرة والدهشة والأخذ بالأولى والأخلق ، فيثبت بهذا الاستقراء : أن حاصل العقل في (معرفة) (٣) أظهر المعلومات ليس إلا محض الحيرة والدهشة ، والأخذ بالأولى والأخلق ، فما ظنك بالعقل عند العروج الى (باب) (٤) كبرياء الله تعالى ، وعند ما يحاول الخوض في البحث عن كنه عزته وصمديته وصفات جلاله وإكرامه من علمه وقدرته وحكمته؟ فهذا جملة الكلام في هذا الباب.
ومما يزيد هذا الكلام تقريرا (٥) : أن أقوى المباحث العقلية باتفاق جمهور العقلاء : المباحث الهندسية ، فليتأمل في كتاب أقليدس. يقول : إن أقسام المضلعات تبتدئ من المثلث وتمر إلى غير النهاية. ثم إن أقليدس أقام الحجة على إثبات المثلث والمربع في المقالة الأولى ، ولما احتاج إلى اثبات المخمس احتاج إلى تقديم مقدمة عليه ، وهو أنه عمل مثلثا يكون كل واحدة من الزاويتين اللتين
__________________
(١) بما في المسائل العميقة (س).
(٢) من (ز).
(٣) من (ز).
(٤) من (ز).
(٥) هذا البحث (س).