التفصيل ، وأنا أنبه على مقامات لا بد من الوقوف عليها ، ليصير ذلك التنبيه (١) سببا للاحتراز عن الأغلاط الواقعة فيها.
فالمقام الأول (٢) من المقامات المعتبرة في هذا الباب :
إنه قد ثبت عندنا : أن النفوس الناطقة البشرية ، مختلفة بالماهية والجوهر. فبعضها مشرفة إلهية علوية ، وبعضها ظلمانية كدورية سفلية. وقد بالغنا في تقرير هذه المعاني في كتاب «النفس».
وإذا ثبت هذا ، فنقول : إن في النفوس ما يكون في أصل الجوهر ، والماهية : نفسا إلهية قابلة إلى حضرة القدس ، كثيرة الحب لها ، متوغلة في درجات معرفتها. ومنها ما قد حصل لها شيء من هذه الأحوال إلا أنها تكون ضعيفة ، ومنها نفوس كدرة ظلمانية خالية عن هذه الجواذب الإلهية ، والنوازع الروحانية ، غريقة في بحر الهوى (٣) ، وظلمات عالم الحس والخيال. ولأجل المبالغة في إيضاح هذه المعاني أضرب له مثلا فأقول : (إن جبال العالم وتلاله على قسمين : منها ما يتولد فيه شيء من المعادن ، ومنها ما لا يكون كذلك. والاستقراء يدل على) (٤) أن الجبال الخالية عن المعادن أكثر بكثير من الجبال التي تتولد فيها المعادن. ثم نقول : الجبال التي تتولد فيها المعادن ، منها ما يتولد فيه المعدنيات الخسيسة مثل معادن النفط والكبريت والنورة والملح. ومنها ما يتولد فيها المعدنيات الشريفة كالذهب والفضة والياقوت ، واللعل وغيرها. ثم الاستقراء يدل على أن الجبال التي يحصل فيها هذه المعادن الشريفة النفيسة ، أقل بكثير من الجبال التي تحصل فيها هذه الخسيسة. ثم نقول : (هذه) (٥) الجبال التي تحصل فيها هذه المعادن الشريفة ، وهي الأجساد السبعة الذاتية ، نرى أن كل ما كان منها أخس ، كانت معادنها أكثر ، وكل ما كان أشرف كانت معادنها
__________________
(١) لتصير تلك الفضية (ز).
(٢) في هذه الجملة تقديم وتأخير في (س).
(٣) الهيولي (س).
(٤) من (ز).
(٥) من (س).