فثبت : أن الأثر ما دام يكون باقيا على عدمه ، فإن المؤثر يمتنع كونه مؤثرا فيه ، وإذا صار الأثر موجودا ، فإنه يمتنع كون المؤثر مؤثرا فيه. وإذا كان لا واسطة بين كون الأثر معدوما وبين كونه موجودا ، وثبت أن القول بالتأثير ممتنع في كلتا الحالتين ، ثبت أن القول بأصل التأثير محال.
ولا يقال : لم لا يجوز أن يقال إنه في الآن الأول يجعله موجودا في الآن الثاني؟ لأنا نقول : إنه في الآن الأول ، هل صدر عنه أثر أم لا؟ فإن لم يصدر عنه أثر البتة ، كان حاله في الآن كما كان قبل ذلك ، وكما أنه قبل ذلك الآن ، صدق عليه أنه ما كان [أثر] (١) مؤثرا في أثر. كذلك في هذا الآن ، وجب أن يصدق عليه أنه غير مؤثر فيه ، وأما إن صدر عنه في الآن الأول أثر ، فهو (٢) في ذلك الآن مؤثر لوجود ذلك الأثر ، وذلك الأثر موجود في ذلك الآن. فيعود الإلزام المذكور ، وهو أنه يلزم إيجاد الموجود ، وهو محال.
الشبهة الثالثة : لو صدق على الشيء كونه مفتقرا إلى المؤثر ومحتاجا إليه ، لكان هذا الافتقار والاحتياج. إما أن يكون عن ذلك الشيء المحكوم عليه بالافتقار والاحتياج ، وإما أن يكون مغايرا له. والقسمان باطلان فالقول بالافتقار والاحتياج باطل.
أما بيان أنه يمتنع أن يكون نفس ذلك الشيء. فالوجوه : أحدها : إنه قد يعقل ذات السماء والأرض ، من يجهل (٣) كونهما مفتقرين ومحتاجين إلى المؤثر ، والمحكوم عليه بكونه معلوما ، ليس عين الشيء المحكوم عليه ، بكونه غير معلوم. وثانيها : إن الجسم ذات قائمة بالنفس غير مقول بالقياس إلى الغير ، [والافتقار والاحتياج نسبة وماهيات مقولة بالقياس إلى الغير] (٤) وذلك يوجب التغاير. وثالثها : إنا إذا قلنا : الجسم محتاج في وجوده إلى الغير، كان
__________________
(١) (س).
(٢) فهو في وجود الآية قد آثر ذلك الآثر .. الخ (س).
(٣) تجويز (س).
(٤) من (ز).