الفصل الثاني
في
حكاية شبهات من أنكر
النبوات بناء على نفي التكليف
اعلم أن المنكرين للتكليف فريقان :
منهم من يبني هذا الإنكار على القول بالجبر ، ومنهم من ينكر التكليف لا بالبناء على الجبر بل على طرق أخرى.
الفريق الأول : الذين بنوا إنكار التكليف على الجبر ، فهؤلاء قالوا : القول بالجبر حق ، فالقول بإنكار التكليف حق ، فالقول بإنكار النبوة حق. فهذه مقدمات ثلاث :
المقدمة الأولى : في بيان أن القول بالجبر حق :
اعلم أن الكلام في تقريره سيأتي بالاستقصاء في كتاب (١) مفرد إلا أنا نذكر الآن وجوها على سبيل الإيجاز :
فالوجه الأول : إن المتمكن من الفعل ، إما أن يكون متمكنا من تركه أولا يكون. فإن كان المتمكن من الفعل ، متمكنا من تركه. فرجحان جانب الفعل على جانب الترك ، إما أن يتوقف على مرجح ، أولا يتوقف. فإن توقف
__________________
(١) فصل : (ت) كتاب : (ط) و (ل) وهذا يدل على أن كتاب «الجبر والقدر» من أجزاء «المطالب العالية من العلم الإلهي» وترتيبه يكون بعد الجزء الثامن الذي موضوعه «النبوات وما يتعلق بها» لأنه عبر بقوله «سيأتي».