الفصل الثالث
في
صفة هذه الدعوة الى الله تعالى
أعلم : أن حرفة النبوة والرسالة عبارة عن دعوة الخلق من الاشتغال بالخلق ، إلى خدمة الحق. ومن الإقبال على الدنيا ، إلى الإقبال على الآخرة. فهذا هو المقصود الأصلي.
إلا أن الناس لما كانوا حاضرين في الدنيا ، ومحتاجين إلى مصالحها ، وجب أن يكون له خوض في هذا الباب أيضا ، بقدر الحاجة.
فنقول : خوض الرسول ـ عليهالسلام ـ إما أن يكون فيما يتعلق بالدين ، أو فيما يتعلق بالدنيا ، أما القسم الأول. وهو فيما يتعلق بالدين ، فيجب عليه البحث في أمور ثلاثة : الماضي والحاضر والمستقبل. أما الماضي : فهو أن يرشدهم إلى أن هذا العالم محدث ، وله إله ، كان موجودا في الأزل ، وسيبقى في الأبد ، وأنه منزه عن مماثلة الممكنات [وأنه موصوف بالصفات المعتبرة في الإلهية والكمال ، وهي القدرة النافذة في جميع الممكنات (١)] والعلم الساري في جميع المعلومات [والوحدانية المطلقة بمعنى كونه منزها عن الأجزاء والأبعاض (٢)] والفردانية بمعنى كونه منزها عن الضد والند ، والصاحبة والولد ، ثم يجب عليه
__________________
(١) سقط (ت).
(٢) من (ل).