الفصل السابع
في
حكاية قول الفلاسفة في السبب الذي
لأجله يقدر الأنبياء والأولياء على الاتيان
بالمعجزات والكرامات
حاصل كلامهم فيه : أنا بينا في كتاب «النفس» : أن القوة الوهمية التي للإنسان ، قد تكون قادرة على التأثير في الأجسام. وذكرنا الوجوه الكثيرة في تقرير هذا الباب. وعند هذا قالوا : لا يمتنع وجود إنسان تكون نفسه كاملة في هذه القوة ، فلا جرم يقدر على التصرف في هيولى هذا العالم كيف شاء وأراد. ومما يقوي ذلك ؛ أن النفوس الضعيفة إذا اجتمعت فقد يحصل لها نوع من القوة المؤثرة. مثل : الجمع العظيم إذا اجتمعوا على توجيه الفكر إلى شيء معين ، ومثل ما يشاهد في صلاة الاستسقاء وغيرها. وإذا كان هذا محسوسا لم يمتنع كون النفس القوية قادرة على الإتيان بهذه الغرائب والبدائع. واعلم أن حاصل هذا الكلام : أن تلك النفس موصوفة بخاصية ، لأجلها قدرت على الإتيان بهذه المعجزات والكرامات. وكما أن هذا محتمل ، فكذلك سائر الوجوه محتملة. مثل هذه الأحوال إلى الملائكة أو الجن ، أو الاتصالات الفلكية ، أو أفعال الكواكب ، التي هي أحياء ناطقة أو العقول والنفوس. وإذا كان الكل محتملا ، كان جزمهم بإسناد هذه المعجزات إلى القوة النفسانية فقط. ترجيحا من غير مرجح.
وهذا آخر الكلام في هذا الباب. ويتلوه الكلام في السحر. ليحصل الفرق بين المعجز ، والسحر ، والنبي ، والساحر [والله اعلم] (١).
__________________
(١) من (ت).