الفصل الثاني عشر
في
تقرير شبهة من يقول : ان الله
تعالى لو أرسل رسولا الى الخلق
لوجب أن يكون ذلك الرسول من الملائكة
وهذه الشبهة قد ذكرها الله تعالى في القرآن مرارا وأطوارا. قالوا : الدليل عليه : أن كون الرسول من جملة الملائكة ، أفضى إلى الغرض [والأفضى إلى الغرض (١)] هو الذي يفعله الفاعل الحكيم. فيفتقر هاهنا إلى تقرير هذين المقامين :
المقام الأول : وهو بيان أن كون الرسول من جملة الملائكة أفضى إلى الغرض فيدل عليه وجوه :
الأول : إنه لما كان الملك في غاية القوة والقدرة والشدة. فالناس يخافونه ، ويهابونه ، فكان انقيادهم لطاعته أكمل ، فكان أفضى إلى المقصود (٢).
والثاني : إنه إذا كان ملكا ، وكان لا يأكل ولا يشرب ولا يتزوج ولا يرغب في تحصيل المال والجاه. كان وثوق الناس بصدقه أقوى ، وبعدهم عن الكذب والريبة أكمل ، فكان هذا الطريق أفضى إلى الغرض.
والثالث : إن منصب رسالة الله تعالى أعظم المناصب وأعزها وأشرفها ،
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) المطلوب (ط).