الفصل الخامس عشر
في
الاشارة الى أجوبة هذه الشبهات
أعلم (١) : أنا وإن بالغنا في حكاية هذه الشبهات. إلا أن العاقل إذا أحكم معرفة أصول ثلاثة ، ووقف على قوتها ، زالت عنه هذه الشبهات بأسرها ، وذلك من كمال نعم الله تعالى على العباد ، حيث هداهم إلى هذه الأصول الثلاثة ، ليتوسلوا بها إلى دفع (٢) هذه الشبهات.
فالأصل الأول : أن نقول : لا شك أن القول بإثبات النبوات ، فرع على القول بإثبات الفاعل المختار. فمن نازع في ذلك الأصل ، فإنه لا يجوز له الخوض في إثبات النبوات البتة. بل يجب عليه الشروع في تلك المسألة. وأما من سلم أن إله العالم فاعل مختار ، فنقول : إنا ندعي أنه لا مؤثر البتة لإخراج شيء من العدم إلى الوجود ، إلا ذلك الواحد. وإذا ثبت هذا ، فقد بطل القول بوجود مؤثر آخر سواه ، سواء قيل : إنه كوكب ، أو فلك ، أو عقل ، أو نفس ، أو روح علوي ، أو روح سفلى. والذي يدل على صحة هذا الأصل وجوه :
الأول : أنه لما ثبت أنه تعالى قادر على بعض المقدورات ، وجب أن يكون ذلك الشيء ، إنما صار بحيث يصح أن يكون مقدورا له لإمكانه. لأنا
__________________
(١) في (ت) : الفصل الخامس في معرفة أجوبة هذه الشبهات.
(٢) دفع هذا العالم من الشبهات (ل) ، (طا).