تعالى وصفاته ، وكيفية ما يجب ويجوز ويستحيل عليه ، وكيفية أفعاله. ولم يتكلموا في إثبات النفس وحدوثها وبقائها ، بل تركوا هذه الأصول بالكلية ، وأكثروا المبالغة في تقرير موضوعاتهم الجديدة ، وفي نسخ موضوعات المتقدمين.
إذا ثبت هذا ، فنقول : إطباقهم على التساهل في الأمور العالية العظيمة ، وعلى التشديد في الأمور الهينة (١) يدل على أن المطلوب من هذه الشرائع : تقرير مطالب الدنيا.
الوجه الرابع : إن الشرائع مشتملة على التكليف بالقتل ، وأخذ المال. وهذا على خلاف العقل. لأنا نقول : خالق هذا الكافر ، كان في أول الأمر قادرا على أن لا يخلقه ، وبعد أن خلقه فهو قادر على أن يميته. فإن كان الصلاح في [إفنائه وإعدامه. فلم خلقه؟ وإن كان الصلاح في (٢)] إبقائه وإحيائه. فلم أمر بقتله؟ فإن قالوا : لم لا يجوز أن يحصل للقاتل بسببه [ذلك المقتول (٣) نوع مصلحة؟ فنقول : لكنه حصل للمقتول أعظم أنواع الضرر ، وهو القتل في الدنيا ، والوصول إلى أشد العذاب في الدنيا والآخرة ، لأجل أن يصل العبد الثاني إلى نوع من أنواع الخير والراحة. فإنه ليس السعي في تعذيب أحدهما لأجل إيصال النفع إلى الثاني. أولى من العكس.
الوجه الخامس : وهو أن المعتبر إما معرفة الله تعالى بذاته وصفاته ومعرفة اليوم الآخر. وإما تحصيل مصالح المعاش. وكلا الأمرين غير موقوف على متابعة الرسول المعين ، لأن الذين تركوا هذه المتابعة ، فقد فازوا بهذين النوعين من المصالح. فثبت : أنه لا يتوقف شيء من المصالح على متابعتهم.
فهذا منتهى القول في حكاية (٤) شبهات الطاعنين في النبوات.
__________________
(١) الأمور الإلهية السهلة (ت ، ط).
(٢) من (ل) ، (طا).
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) حكاية شبهة القائلين الطاعنين (ت).