دلالة على التشبيه منها (١)] لم نجد البتة. وذلك يدل على أنه ما أريد بذكر تلك. الألفاظ إلا تقوية القول بالتجسيم.
والثاني : هب أن الأمر كما ذكرتم ، ولكنهم لو كانوا معتقدين للتنزيه والتوحيد ، لكان من الواجب عليهم ، أن يذكروا الألفاظ الدالة على التنزيه ، صريحة فيه ، حتى يصير التصريح بهذا الحق ، سببا لتأويل تلك الألفاظ الموهمة للباطل. لكنا لم نجد البتة في الكتاب ، ولا في الأخبار مثل هذه البيانات. فظهر أن القوم كانوا مصرين على القول بالتجسيم.
وأما دين اليهود : فالتشبيه المذكور [في التوراة ، بالنسبة إلى المذكور (٢)] في القرآن ، كالبحر بالنسبة إلى القطرة ، وكالجبل بالنسبة إلى المدرة.
وأما دين النصارى : فمدار الأمر فيه على الحلول والاتحاد. والأب ، والابن ، والروح القدس. وهذا أرك أقوال مذاهب القائلين بالتجسيم والتشبيه.
وأما المجوس : فقولهم بوجود الإلهين ، وقولهم بوقوع المحاربة بينهما ، واستعانة الإله الخيّر ، بجند الملائكة ، واستعانة الإله الشرير بجند من الشياطين : مما ينفر العقل عنه ، وتنبو الطبائع عن سماع مثله.
فثبت بهذا : أن القول بالتشبيه غالب على هذه الشرائع.
الوجه الثاني : في بيان هذا المعنى : إن القرآن مملوء من الجبر ، ومن القدر والآيات الواردة فيه أكثر من عدد الرمل والحصى. ولا شك أنها متناقضة ، وأن التوفيق بينها لا يحصل إلا بتعسف شديد ، وهذا يدل على أن صاحب هذا الكتاب كان مضطرب الرأي في الجبر والقدر ، غير جازم بأحد الطرفين.
الوجه الثالث : إنه ما ظهر من الأنبياء سعي تام في البحث عن ذات الله
__________________
(١) سقط (ل) ، (طا).
(٢) سقط (ت).