الفصل السابع
في
حكاية شبهات القائلين بأن على تقدير أن يثبت
أن خالق المعجزات هو الله سبحانه وتعالى
إلا أن ذلك لا يدل على أنه تعالى
انما خلقها لأجل تصديق المدعي للرسالة
فالشبهة (١) الأولى : أن يقال : الفعل إما أن يتوقف على الدواعي أو لا يتوقف. فإن توقف الفعل على الدواعي ، فصدور الفعل منا يتوقف على حصول الدواعي لنا. وحدوث تلك الدواعي يكون من الأسباب العالية ، وحينئذ تكون جميع القبائح الصادرة من العباد ، معلولة وموجبة عن فعل الله تعالى ، وفاعل السبب فاعل للمسبب ، فحينئذ يكون فاعل جميع القبائح هو الله تعالى وتقدس. وإذا ثبت هذا ، فحينئذ لا يمتنع من الله تعالى إظهار المعجز على يد الكاذب. وعلى هذا التقدير فإنه لا يبقى المعجز دليلا [على الصدق (٢)] على القسم الأول.
وأما القسم الثاني وهو أن صدور الفعل عن القادر لا يتوقف على انضمام الدواعي إليه. فنقول : فعلى هذا التقدير لا يمتنع أن يقال : إنه تعالى خلق هذا المعجز. لا لشيء من الدواعي والأغراض أصلا. وإذا كان هذا الاحتمال قائما ، امتنع القطع بأنه تعالى ما خلق هذا المعجز ، لغرض تصديق المدعي ،
__________________
(١) عنوان الفصل في ت هكذا :
«على تقدير سبب أن خالق المعجزات هو الله سبحانه وتعالى ، إلا أن ذلك لا يدل على أن ذلك خلقه لأجل تصديق المدعي للرسالة» : الفصل السادس ... الخ».
(٢) من (ل) ، (طا).