لأنه لما بطل أصل التعليل [المكيف بالكيفية المخصوصة (١)] [فقد بطل (٢) التعليل].
الشبهة الثانية : إنا قد ذكرنا الدلائل الكثيرة على أنه يمتنع أن تكون أفعال الله تعالى وأحكامه ، معللة بالأغراض والمقاصد ، وعلى هذا فيمتنع أن يقال : إنه تعالى إنما خلق المعجز لأجل تصديق المدعي.
الشبهة الثالثة : هب أن أفعال الله تعالى وأحكامه قد تكون معللة بالدواعي والأغراض [إلا أنه قد تكون أيضا غير معللة بالدواعي والأغراض (٣)] والدليل عليه : أن القول بإثبات النبوة ، فرع على إثبات حدوث العالم [وهذه القاعدة لا يمكن تقريرها ، إلا إذا قلنا : إنه تعالى خصص إحداث العالم (٤)] بوقت معين ، لا لمخصص ولا لمرجح البتة. وهذا يقتضي القطع بأن الله تعالى قد يفعل الفعل ، لا لغرض ولا لداع أصلا. وإذا ثبت هذا ، فلم لا يجوز أن يكون خلق المعجزات من هذا الباب؟ وعلى هذا التقدير ، لا يدل المعجز (٥) على التصديق ، فنفتقر هاهنا إلى بيان أن تخصيص إحداث العالم بالوقت المعين ، لا يمكن أن يكون معللا بشيء من الأغراض والدواعي. والدليل عليه : أن اختصاص ذلك الوقت بذلك الغرض المعين. إما أن يكون لذاته أو لغيره. ولا جائز أن يكون لذاته. لأنه لو جاز أن يختص ذلك الوقت بذلك الغرض المعين لذاته ، فحينئذ لم يبعد أن يختص ذلك الوقت بسائر الآثار المخصوصة به وإذا جاز ذلك لم يمتنع أن يقال : المقتضي لحدوث العالم في ذلك الوقت هو نفس ذلك الوقت. وعلى هذا التقدير فإنه لا يمكن الاستدلال بحدوث العالم على وجود الصانع. وأما إن كان اختصاص ذلك الوقت بتلك الخاصية ليس لذاته ، بل لأجل أن فاعل العالم ، خصص ذلك الوقت بذلك الغرض ، وبتلك
__________________
(١) سقط (ل) ، (طا).
(٢) بطل أصل (ط).
(٣) من (ل) ، (طا).
(٤) سقط (ت).
(٥) فلا دليل في المعجزة (ت).