الفصل الخامس
في
بيان أن اثبات النبوة بهذا الطريق
أقوى وأكمل من اثباتها بالمعجزات
اعلم (١) : أن التمسك بطريق المعجزات من باب برهان الإنّ. وهو الاستدلال بالأثر على المؤثر على سبيل الاحتمال (٢) فإنا نعرف بظهور المعجز عليه ـ عليهالسلام ـ كونه مشرفا عند الله على سبيل الإجمال. من غير أن نعرف كيفية ذلك الشرف. وأما هذا الطريق الثاني فهو من باب برهان العلم. وذلك لأنا بينا : أن الأمراض الروحانية غالبة على أكثر النفوس [فلا بدلهم من طبيب. ونشاهد : أن هذا الرجل معالج ويؤثر علاجه ويفيد الصحة بقدر(٣)] الإمكان. فهذا يدل على كونه طبيبا حاذقا في هذا الباب. وحينئذ يظهر : أن هذا الإنسان لا حاجة به في معرفته ، إلى أن يكون عالما بدقائق [المنطق والطب والهندسة والحساب. بل كونه عالما بها. مستغلا باستنباط دقائقها (٤)] مما يضره في كونه مستغرقا في معرفة الله تعالى. وعند هذا تزول جملة الشبهات المذكورة في باب نفي النبوات. فإنه دلت المشاهدة على أن محمدا ـ عليهالسلام كان طبيبا حاذقا في علاج هذه الأمراض كما بيناه ، بل كان روحه قدرت على قلب طبائع أهل الدنيا ، فنقلهم من الباطل إلى الحق ، ومن الكذب إلى الصدق ، ومن
__________________
(١) الخامس عشر في بيان إثبات النبوة كما حصلت لمحمد عليه الصلاة والسلام (ت).
(٢) الإجمال (ت ، ط).
(٣) سقط (ت).
(٤) من (ل).