الفصل الثاني
في
بيان أن الوقوف
على أصول هذا العلم عسر جدا
اعلم (١) : أن صعوبة هذا العلم تظهر من وجوه ثلاثة :
الأصل الأول : إنه يعسر علينا معرفة جميع النيرات الفلكية. وبيانه من وجوه :
الأول: إن الاستقراء يدل على أن رؤية الصغير من المسافة البعيدة : ممتنعة. وإذا ثبت هذا فنقول : إن أصغر كوكب من الكواكب الثابتة وهو الذي تمتحن برؤيته القوة الباصرة ، مثل الأرض بضع عشرة مرة. فلو قدرنا أن هذه الكواكب حصلت في الفلك الأعظم ، لصارت المسافة (٢) أعظم ، فحينئذ كان يمتنع إبصاره لا محالة. وإذا ثبت هذا ، فنقول : إنه يقال : إن عطارد جزء من ثلاثين ألف جزء من كرة الأرض. فهو في غاية الصغر ، فلو قدرنا حصول كواكب مساوية لعطارد في الجرم على الفلك الأعظم [أعني الجرم الأول (٣)] لكانت رؤيتها ممتنعة قطعا. فثبت : أن عدم إبصارنا لأمثال هذه الكواكب ، لا يدل البتة على عدمها. فإن قالوا : لو حصلت هذه الكواكب الصغيرة ، لم تكن
__________________
(١) الفصل الثاني في بيان هذا العلم عسر جدا : إن صعوبة العلم تظهر من وجوه ثلاثة الأول ... الخ (ت).
(٢) المسافة أبعد ، وكان يمتنع (ت).
(٣) سقط (ت).