لها قوة وتأثير أصلا. لأجل أن صغرها يوجب ضعفها. فنقول : هذا باطل لأن عطارد مع غاية صغره ، تقاربه سائر السيارات مع عظم أجرامها. بل نقول : الرأس والذنب نقطتان ، وأصحاب الأحكام أثبتوا لهما آثارا عظيمة بل نقول : سهم السعادة ، وسهم الغيب نقطتان وهميتان ، والأحكاميون أثبتوا لهما آثارا قوية. وأيضا النقط التي تنتهي إليها تسييرات درجة الطالع فقط : وهمية ، والقوم أثبتوا لها آثارا قوية.
الوجه الثاني : في بيان أن عدد النيرات الفلكية غير معلومة ، وهو أنه ثبت بالدليل أن المجرة ، ليست إلا أجراما كوكبية صغيرة الحجم ، مرتكزة في فلك الثوابت ، إلا أنها لصغرها لا يتميز بعضها عن البعض ، فنشاهد جملتها على صورة لطخة سحابية ، وهذا يدل على أن الوقوف التام على معرفة أعداد الكواكب : ممتنع الحصول.
الثالث : إن المحققين ذهبوا إلى أن المحو ، المحسوس في وجه القمر ، إنما حصل بسبب أن كواكب صغيرة ارتكزت في وجه القمر. وقال آخرون : إنه حصل في وجه الشمس فوق النقطة التي هي كالمركز لقرص الشمس : نقطة سوداء ، كالخال في وجه الشمس. إلا أنها لا تظهر لأجل قوة نور الشمس. وقد تعرض عوارض مخصوصة. تصير تلك النقطة السوداء كالمشاهدة ، وكل هذه الاعتبارات تدل على أن العقول البشرية ، قاصرة عن الإحاطة بعدد نيرات الأفلاك.
الرابع : إن أصحاب الأحكام أثبتوا شيئا ، يسمونه بالكبد ، وأثبتوا حظّا (١) من التأثير له ، وإذا جاز ثبوته ، فلم لا يجوز ثبوت غيره؟
الوجه الخامس : في بيان أن الأمر كما ذكرناه : إن الفلاسفة أطبقوا على أن الفلك جوهر بسيط ، وإذا ثبت هذا ، فنقول : يجب أن تكون طبائع البروج متساوية في تمام الماهية ، وإلا لزم التركيب ، وإذا ثبت هذا ، فتأثير الكوكب
__________________
(١) إلى كلمة حظا في (ط) وما بعد ذلك ساقط إلى الشرط التاسع في الفصل السادس في التلبية على أصول أخرى.