حال كونه في برج ، يجب أن يكون مساويا لتأثيره حال كونه في سائر البروج ، لما ثبت في العقول أن حكم الشيء حكم مثله. ومعلوم أن ذلك على خلاف علم النجوم ، فأما أن يقال : إن طبائع البروج مختلفة بحسب الماهيات ، فذلك قول مردود عند الفلاسفة. أو يقال : إنه حصل في كل برج كواكب صغيرة لا نراها ولا نشاهدها ، ولأجل حصول تلك الكواكب في تلك البروج ، صارت طبائع البروج مختلفة في التأثرات. وذلك هو المطلوب.
الوجه السادس : إن الدلائل النجومية قد تختل وتفسد في كثير من الأوقات ، وما ذاك إلا بسبب ما ذكرنا. أنه حصلت هناك كواكب لا نعرفها. ولأجلها تختلف أحوال هذه الآثار [والله أعلم (١)].
الأصل الثاني من الأصول الموجبة لصعوبة هذا العلم :
أن نقول : إنه يعتبر الوقوف على معرفة مواضعها من الفلك بعد العمل بها. وذلك من وجوه :
الأول : إن الشيخ أبا علي بن الهيثم. صنف رسالة في أنواع الخلل الواقع في آلات الرصد ، وعد منها قريبا من ثلاثين وجها من الوجوه التي لا يمكن الاحتراز عنها.
الثاني : إن الإرصادات إذا تطاولت مدتها ، اختلت الأعمال المبنية عليها ، لأن صاحب الرصد ، وقع في حساباته المسامحات بالروابع والخوامس ، وما بعدها من الأجزاء ، فإذا طالت المدة ، اجتمعت تلك الكسور وكثرت ، وحصل التفاوت العظيم بسببها كما في هذا الزمان الذي نحن فيه. وهو أوائل الستمائة من الهجرة.
الثالث : إن الدقيقة الواحدة من الفلك ، تكون مثل كلية الأرض ، مرارا ، خارجة عن الضبط والتعديد ، ويقال : إن الفرس الجواد ، عند العدو الشديد ، إذا رفع يده ثم وضعها ، فإن في مثل ذلك الزمان القليل واللحظة
__________________
(١) من (ل).