الفصل الثالث
في
الطريق الذي حصل به
الوقوف على طبائع الأجرام الفلكية
[اعلم : إن الطريق إليه أحد أمور ثلاثة : القياس والتجربة والوحي.
أما القياس (١)] فهو أنهم لما شاهدوا الكمودة في لون زحل ، وهذه الكمودة تناسب السوداء حكموا عليه بكونه باردا يابسا ، ولما شاهدوا الحمرة في لون المريخ ـ وهذا اللون يشبه لون النار ـ حكموا عليه بكونه حارا يابسا.
والمختار عندنا : أن هذا الطريق ضعيف جدا. لا يجوز التعويل عليه. لأنه ثبت في علم الطب : أن الاستدلال بالألوان المخصوصة على حصول الطبائع المخصوصة ، أضعف أقسام الدلائل. بل الحق : أن هذه الألوان دالة دلالة ضعيفة على هذه الطبائع ، فلما أضافوا إليها التجارب ، خرجت التجربة مطابقة لهذا القياس ، فحصلت معرفة طبائعها بناء على مجموع الأمرين ، فذلك القياس هو المبدأ المحرك للعقول. والخواطر ، وهذه التجارب هي التمام والكمال.
واعلم : أن طريق التجربة : هو أنه متى حدث نوع من أنواع الحوادث في هذا العالم ، فإن صاحب التجربة يتعرف أن الأوضاع الفلكية كيف كانت ، تعرفا على [سبيل الاستقصاء والكمال ، فإذا وقع مثل ذلك الحادث مرة ثانية
__________________
(١) من (ل).