وثالثة ورابعة وخامسة (١)] وتعرف الأحوال الفلكية ، وحدها مثل الحالة الأولى فحينئذ يحصل في القلب : ظن قوي بأن ذلك الوضع الفلكي المعين ، يوجب حدوث النوع الفلاني من الحوادث في هذا العالم.
والحاصل : أن التجربة عبارة عن الاستدلال بحدوث الحوادث المخصوصة في هذا العالم ، على معرفة طبائع الأوضاع الفلكية ، فإذا تأكدت تلك التجربة ، فبعدها يستدل بحصول ذلك الوضع الفلكي المعين ، على حدوث ذلك النوع من الحوادث في هذا العالم.
واعلم : أن هذا الاستدلال قد اعتبره أهل الأرض من الزمان الأقدم إلى الآن. فمن أراد أن يصير ماهرا في هذا العلم ، وجب عليه أنه كلما رأى نوعا من الحوادث في هذا العالم ، أن يستقصي في تعرف الوضع الفلكي المقارن لحدوث ذلك الحادث ، ويقابل تجربته بأقوال المتقدمين ، فإذا واظب على هذا الطريق مدة مديدة ، واتفق أن كانت نفسه مناسبة لهذا العلم بحسب الفطرة الأصلية : يبلغ فيه مبلغا عظيما. فهذا بيان طريق القياس والتجربة.
وأما الطريق الثالث وهو طريق الوحي والإلهام : فهذا أيضا متفق عليه عند أصحاب هذا العلم.
حكى : تنكلوشا : أن ذواناي (٢) سيد البشر. لما بلغ في تصفية النفس ، ورياضة الذهن ، لاحت له من الصور الفلكية ، ما لا يمكن وصفه.
واعلم : أنك لا ترى دينا من الأديان ، ولا مذهبا من المذاهب ، إلا وأكثر أصوله يكون مبنيا على النقل عن السلف. فلا يبعد مثله أيضا في هذا العلم [والله أعلم (٣)].
__________________
(١) من (ل).
(٢) دواباتي شتيه شدة البشر (ت).
(٣) من (ل).