الفصل الخامس
في
حكاية شبهات من يقول :
القول بخرق العادات محال
اعلم أنه قبل الخوض في تقرير هذا النوع من الشبهات ، لا بد من التنبيه على مذاهب الخلق فيه. فنقول : أما أبو الحسن الأشعري رحمة الله عليه فإنه جوز انخراق العادات (١) من كل الوجوه ، وبيانه يذكر في مسائل :
الأولى : إن عنده قبول الحياة والعلم والقدرة والشهوة والنفرة ، لا يتوقف على حصول البنية والتركيب ، فالجوهر الفرد قابل لهذه الصفات. فعلى هذا التقدير لا يمتنع كون الجوهر [موصوفا بجملة أنواع العلوم ، موصوفا بجميع أنواع (٢)] القدر ، حتى يكون ذلك الجوهر الفرد (٣)] أكمل العلماء وأقوى القادرين ، ولا يمتنع أن يكون الإنسان الموصوف بالمزاج المعقول يكون ميتا جمادا.
المسألة الثانية : إن الجمهور يقولون : إن عند حصول الشرائط الثمانية
__________________
(١) قال ابن تيمية المتوفي سنة ٧٢٨ ه. في كتابه النبوات : «قالت طائفة : لا تخرق العادة إلا لنبي ، وكذبوا بما يذكر من خوارق السحرة والكهان وبكرامات الصالحين ، وهذه طريقة أكثر المعتزلة وغيرهم كأبي محمد بن حزم وغيره ، بل يحكى هذا القول عن أبي إسحاق الأسفراييني ، وأبي محمد بن أبي زيد ... الخ» وكلام هذه الطائفة هو الحق. فإن أفعال السحرة والكهان وكرامات الصالحين ليست من الأمور الخارقة للعادة.
(٢) من (ل) ، (طا).
(٣) سقط (ت).