يكون الإبصار واجبا. وتلك الشرائط الثمانية هي هذه :
أحدها : أن تكون الحدقة سليمة عن الآفات والعيوب.
وثانيها : أن يكون الشيء بحيث يصح إبصاره.
وثالثها : أن لا يكون المرئي في غاية القرب من الحدقة.
ورابعها : أن لا يكون في غاية البعد.
وخامسها : أن لا يكون في غاية اللطافة.
وسادسها : عدم الساتر والحاجب.
وسابعها : أن لا يكون في غاية الصغر.
وثامنها : أن يكون مقابلا للرائي ، أو في حكم المقابل له.
فعند حصول هذه الشرائط ، أطبقت الفلاسفة والمعتزلة على أن الابصار يكون واجبا. وأما عند اختلالها [أو اختلال (١)] بعضها [فإن الابصار (٢)] يكون ممتنعا. وأما أبو الحسن الأشعري فمذهبه : أن عند حصول هذه الأشياء يجوز أن لا يحصل الإبصار ، وعند عدمها يجوز أن يحصل. فعلى هذا لا يمتنع أن يحضر عندنا جبال شاهقة ، وأصوات عالية ، ونحن لا نبصرها ، ولا نسمعها ، ولا يمتنع أيضا أن يبصر الأعمى الذي يكون بالمشرق : بقّة (٣) بالمغرب. فهذا مذهبه :
المسألة الثالثة : إن مذهبه أنه يجوز انقلاب الجبال ذهبا إبريزا. ويجوز انقلاب مياه الأودية دما ، وغيره ، ويجوز حدوث الإنسان من غير الأبوين. وبالجملة فينكر جميع التأثيرات والطبائع والقوى. وأما الفلاسفة فإنهم أطبقوا على إنكار خوارق العادات ، إلا أنه يلزمهم القول بالاعتراف بها في المسائل :
المسألة الأولى : إنهم جوزوا حدوث إنسان (٤) بالتولد لا بالتوالد. وقرروا ذلك بأن قالوا : البدن الإنساني إنما تولد من مقادير مخصوصة من العناصر
__________________
(١) من (ل) ، (طا).
(٢) من (ل) ، (طا).
(٣) بقية المغرب (ت).
(٤) حدوث التولد ، لا بالتولد (ت).