الأديان الفاسدة إلى العقائد الصحيحة بقدر الإمكان.
وأما قولهم : «إن النسخ كلام لا فائدة منه» فنقول : قد ذكرنا أن الشرائع على قسمين :
عقلية لا تقبل النسخ. وحاصلها يرجع إلى ما ذكرناه في قوله عليهالسلام «التعظيم لأمر الله ، والشفقة على خلق الله» ولما كان طريان النسخ عليهما محالا. لا جرم قال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ : أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ ، وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) (١).
وأما القسم الثاني وهو الشرائع الوضعية. وهي الأحوال القابلة للنسخ ـ فالفائدة في النسخ : أن الإنسان إذا واظب على أمر من الأمور مدة مديدة ، صار ذلك كالمألوف المعتاد ، فيأتي بتلك الأعمال للإلف والعادة ، لا للإخلاص والعبادة. فيحسن إبدالها بغيرها ، إزالة لهذه الحالة التي ذكرناها (٢).
وقوله : «شرع النهب (٣) والقتل لتقرير هذا المقصود» فيقال له : إن طبه وعلاجه في الأصول المهمة : إنما يؤثر فيهم ، لو كان مقبول القول فوجب عليه تقرير هذا الطريق في الجزئيات الصغيرة ، ليبقى النفع في الكليات القوية.
وأما قولهم : «الألفاظ الموجبة للتشبيه وردت في القرآن» فنقول : قد بينا أن مخاطبة الجمهور بالتنزيه المحض : معتذر ، فوجب المصير إلى طريقة متوسطة
__________________
(١) آل عمران ٦٤.
(٢) الواضح من القرآن الكريم في هذا الشأن : أن شريعة بني إسرائيل كانت ثقيلة وصعبة على الناس. والله أراد أن يخفف على الناس بشريعة محمد صلىاللهعليهوسلم بدليل : «ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم».
(٣) في سفر الخروج : «وإن حصلت أذية تعطى نفسا بنفس ، وعينا بعين ، وسنّا بسن ، ويدا بيد ، ورجلا برجل ، وكيا بكي ، وجرحا بجرح ، ورضّا برضّ ... الخ» [خر ٢١ : ٢٣].