أن يبين لهم (١)] أن كل ما يدخل في الوجود ، فهو بقضاء الله تعالى وبقدره ، وأنه منزه عن الظلم والعبث والباطل. كما قال بعضهم :
الحمد لله. ذي الآلاء. والنعم |
|
والطول والفضل والإحسان والكرم |
منزه الفعل عن عيب ، وعن عبث |
|
مقدس الملك عن عزل ، وعن عدم |
واعلم : أن هذا الذي ذكرناه يتفرع عليه أنواع من البحث :
النوع الأول :
لا يليق بصاحب الدعوة إيراد هذه المطالب ، كما يورده أهل الجدل والاستدلال. لأن ذلك الطريق يحمل السامعين على الاعتراض عليه ، وعلى إيراد الأسئلة عليه. فإذا اشتغل بالجواب عنها ، فربما أوردوا على تلك الأجوبة : أسئلة اخرى. ويحصل فتح باب المشاغبات والمجادلات. ولا يحصل المقصود البتة. بل الواجب إيراد البيانات البرهانية مخلوطة بطريقة الخطابة من الترغيب والترهيب ، فإن بسبب ما فيه من [قوة المقدمات البرهانية يبقى مستعظما في العقول ، وبسبب ما فيه من (٢)] طريقة الخطابة يكون تأثيره في القلوب أكمل ، ويكون بعد السامعين عن سوء الأدب ـ الذي يحصل بسبب المشاغبات ـ أتم.
النوع الثاني :
أنه لا يجوز أن يصرح بالتنزيه المحض ، لأن قلوب أكثر الخلق ، تنفر عن قبول مثل هذا الكلام. فإذا وقع التصريح به ، صار ذلك سببا لنفرة أكثر الخلق عن متابعته. بل الواجب عليه أن يبين أنه ـ سبحانه وتعالى ـ منزه عن مشابهة المحدثات ، ومناسبة الممكنات. كما قال تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ،
__________________
(١) آخر النقل من (ط) ، (ت) وفي (ت) بعد هذا الموضع : «وأما القسم الثاني ، وهو أن يكون التقدير أن يكون حكم العقل في التحسين والتقبيح مردودا باطلا ... الخ. وهذا قد سبق في فصل «الشبهات المبينة على أنه ظهر على الأنبياء أعمال تقدح في صحة نبوتهم» ومن أول «وفيه لطيفة أخرى لا يمكن ذكرها» إلى هنا : مذكور في (ت) : في فصل «تقرير طريقة الفلاسفة».
(٢) من (ل).