ومما استدل به على حجية خبر الواحد آية النفر قال الله تعالى (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) وقربوا دلالة الآية على المدعى بوجوه ثلاثة : احدها ان لفظة لعل بعد انسلاخها عن الترجي الحقيقي اذ لا يعقل ذلك في حقه سبحانه وتعالى استعملت في الطلب واذا صار مطلوبا صار واجبا لعدم القول بالفصل. ثانيها ان الانذار لما كان واجبا لكونه غاية للنفر الواجب بمقتضى كلمة لو لا وجب التحذير وإلّا لغا وجوبه. ثالثها ان التحذير جعل غاية للانذار والانذار واجب وغاية الواجب واجبة ولكن لا يخفى ان مبنى هذه الوجوه على استعمال كلمة (لعل) في الطلب ولم يثبت بل هو ممتنع لامتناع تعلق الطلب بالحذر لكونه امرا غير اختياري نعم يتم المطلوب اذا اخذت كلمة (لعل) كناية عن العمل المتسبب عن الحذر ولكنه خروج من ظاهر لفظ (لعل) فالاولى في تقريب الاستدلال هو أن يقال ان (لعل) هنا استعملت بمعنى الاحتمال كما في قوله تعالى (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) وقول الشاعر (لا تهن الفقير علك ان تركع يوما والدهر قد رفعه) ولما كان الاحتمال بالنسبة اليه تعالى ممتنعا فلا بد من صرفه للعباد فيكون المراد من الآية ان النفر الملقى بالانذار محتمل الحذرية مظنة للضرر والمراد من الضرر ليس هو الدنيوي اذ ليس ذلك مترتبا على خصوص الانذار بل يحصل ولو من غيره. بجعل التلازم بين الانذار ومحتمل الحذرية دالا على ان المراد من ضرره هو الاخروية لا الدنيوية. ومن الواضح انه لا يكون احتمال العقوبة إلّا بان يكون الانذار. مقبولا اذ لا اصل يرفع احتمال العقوبة وليس العقاب عقابا بلا بيان لوجود البيان المذكور ولكن لا يخفى ان هذا التقريب لا يتم إلّا باطلاق الملازمة بين احتمال