تثليث الاقسام لم يكن ناظرا الى مرحلة الحجية الفعلية وانما هو في مقام بيان ما للاقسام من الخصوصيات من الوجوب والامكان والامتناع.
بيان ذلك هو ان القطع لما كان كشفه تاما فهو حجة عقلا ولا يمنع عنه فلذا يكون واجب الحجية والظن لما لم يكن كشفه تاما بل ناقصا فيمكن ان يكون حجة بتتميم كشفه ، والشك لما كان عبارة عن الترديد بين الاحتمالين فلا كشف فيه اصلا فلذا يمتنع حجيته والى ذلك نظر الشيخ الانصارى (قدسسره) حيث ثلث الاقسام باعتبار ما تجب حجيته كالقطع وما امكنت حجيته كالظن وما امتنعت حجيته كالشك فعليه لا وجه للعدول عما ذكره الشيخ قدسسره الى ذلك وقد يوجه اشكال التداخل بوجه آخر بما حاصله الحاق ما هو مقرر للشاك فى الموضوع من الوظائف الشرعية بالعلم بالحكم فتكون الاقسام ثنائية ، ولكن لا يخفى ان هذه الاشكال يتم بناء على ان المراد من الحكم ما يعم الحكم الظاهرى وهو محل نظر إذ الظاهر ارادة خصوص الواقع من الحكم. بيان ذلك ان ما تعارف بين القوم من تبويب الاقسام وجعل أحكام القطع فى باب ، وأحكام الامارة فى باب ، وأحكام الشك في باب ، والشيخ (قدسسره) جعل التقسيم توطئه لبيان تبويب لتلك الاقسام فلذا ناسب ان يراد من الحكم فى عبارته وعبارة كل من حذا حذوه هو خصوص الواقع وبذلك يرتفع اشكال التداخل.
بقي الكلام في مجاري الاصول وهي منحصرة في أربعة (١) فالأولى
__________________
(١) والانحصار فى الأربعة كما ترى عقلى دائر بين النفى والاثبات إلا انه بالنسبة إلى مجاريها ، واما بالنسبة اليها نفسها فليس الحصر بعقلى لا مكان وجود اصول أخر ، نعم بالنسبة إلى الاصول العقلية الثلاثة من البراءة والاحتياط والتخيير يمكن أن يكون الحصر عقليا بان يقال ان التكليف اما نفي