نكتة :
والظاهر أنّ المتعيّن في كلامه قدسسره بعد ملاحظة مبناه في مطلق الواجب المشروط هو الاحتمال الثالث ، فإنّه قائل برجوع القيد فيه إلى المادّة ، فيكون قصد التوصّل قيدا للواجب ، ومعناه لزوم تحصيل القيد كذات الواجب ، وحينئذ لو قلنا : إنّ القصد والإرادة لا يكون أمرا اختياريّا فيستشكل بأنّه لا يمكن تعلّق التكليف والوجوب بها ، سواء كان الوجوب نفسيّا أو غيريّا.
ولكن تقدّم أن ذكرنا أنّها أمر اختياري ، ويؤيّده شرطيّة قصد القربة في الواجبات التعبّديّة ؛ إذ لا إشكال في أنّها لو كانت من الامور الغير الاختياريّة فلا معنى للزوم تحصيلها.
ويمكن أن يتوهّم أنّه مرّ عن المحقّق الخراساني قدسسره استحالة أخذ قصد الامتثال وإتيان المأمور به بداعي أمره في المتعلّق ، سواء كان بصورة الجزئيّة أو الشرطيّة ، فلا يرد عليه هذا الإشكال.
وجوابه أوّلا : أنّه سلّمنا إنكاره أخذ قصد الامتثال في المتعلّق من ناحيته ، ولكنّه قائل بأنّ الحاكم بلزوم اعتباره هو العقل ، وعلى هذا كيف يحكم العقل بلزوم اعتبار ما هو أمر غير اختياري؟!
وثانيا : أنّه قائل بعدم إمكان أخذ قصد القربة بمعنى قصد الامتثال في المتعلّق ، وأمّا إن كان بمعان أخر كإتيان الشيء بداعي كونه حسنا أو ذات مصلحة ، فلا مانع من أخذه في المتعلّق عنده ، فيعود إشكال الاستحالة.
ولكن بعد بطلان هذا المبنى وإمكان أخذ الإرادة في المتعلّق عندنا ورجوع القيد إلى المادّة عند الشيخ قدسسره فلا نبحث معه في مقام الثبوت ؛ إذ لا إشكال ثبوتا في تعلّق الوجوب الغيري بشيء مقيّد بقصد التوصّل إلى ذي المقدّمة ،