وإذا وصلت النوبة إلى مقام الإثبات فلا يتمّ البحث مع الشيخ قدسسره هاهنا ، بل نبحث معه في أصل مسألة الملازمة ، فإنّ كلامه فرع ثبوت الملازمة ، فإن اخترنا عدمها فلا تصل النوبة إلى هذا الكلام ، وأمّا إن اخترناها فنبحث أنّ الوجوب الغيري المقدّمي يتعلّق بذات المقدّمة أو يتعلّق بها مع قصد التوصّل بها إلى ذي المقدّمة.
ثمّ ذكر المحقّق الخراساني قدسسره (١) ثمرة فقهيّة بين القول المشهور عند القائلين بالملازمة وقول الشيخ قدسسره وهي : فيما كان للواجب الأهمّ مقدّمة منحصرة محرّمة ، كإنقاذ الغريق أو إطفاء الحريق المتوقّف على الدخول في ملك الغير بغير إذن مالكه ؛ بأنّه تتبدّل الحرمة الأوّليّة بالوجوب الغيري المقدّمي على القول المشهور ، بلا فرق بين أن يتحقّق قصد التوصّل بها إلى ذي المقدّمة وعدمه ، فلا عصيان للتكليف التحريمي ؛ لأنّه بعد فرض مقدّميّته للواجب الأهمّ صار حكمه الوجوب الغيري ، إلّا أنّه يتحقّق التجرّي في صورة واحدة ، وهي صورة عدم التفات المكلّف إلى المقدّميّة والوجوب الغيري واعتقاده بالحرمة حين العمل.
وأمّا على قول الشيخ قدسسره فيتحقّق الوجوب الغيري في صورة واحدة فقط ، وهي صورة التفاته إلى المقدّميّة ، وإرادته إتيانها وإتيان ذيها ، ففي هذه الصورة تتبدّل الحرمة بالوجوب الغيري ، وأمّا إذا لم يلتفت إلى المقدّميّة أو لم يقصد المقدّمة مع الالتفات إليها فيكون عاصيا ، وأمّا إذا قصدها ولم يقصد التوصّل بها إلى ذي المقدّمة ، وحينئذ إن استمرّ عدم القصد حتّى بعد الإتيان بالمقدّمة فيكون المكلّف عاصيا بالنسبة إلى المقدّمة كعصيانه بالنسبة إلى ذي المقدّمة ؛ إذ
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٨٣.