المقدّمة الموصلة ما يترتّب عليه ذو المقدّمة قهرا ، بل هو قائل بأنّ المقدّمة وأجزاء العلّة في جميع الواجبات قد يتحقّق ذو المقدّمة عقيبها ، وقد لا يتحقّق ، وإذا تحقّق فإنّه يكشف عن تعلّق الوجوب الغيري بها ، وإذا لم يتحقّق فإنّه يكشف عن عدم تعلّق الوجوب الغيري بها ، فما نسب إلى صاحب الكفاية قدسسره توهّم محض.
ومحصّل الإشكال الثاني : أنّه إذا تتحقّقت المقدّمة في الخارج ولم يتحقّق ذو المقدّمة ، فهل يسقط الوجوب الغيري المتعلّق بالمقدّمة أم لا؟ ومعلوم أنّه يسقط بمجرّد الإتيان بها من دون انتظار ترتّب الواجب عليها ، مع أنّ الطلب لا يسقط إلّا بالموافقة ، أو بالعصيان والمخالفة ، أو بارتفاع موضوع التكليف ، كما في سقوط الأمر بالكفن أو الدفن بسبب غرق الميّت أحيانا أو حرقه ، ولا يكون الإتيان بها بالضرورة من هذه الامور غير الموافقة ، فينتج أنّ الوجوب الغيري متعلّق بنفس المقدّمة ، بلا دخل لتحقّق ذي المقدّمة عقيبه.
ويمكن الجواب عنه دفاعا عن صاحب الفصول : بأنّا لا نسلّم ما فرضته أمرا بديهيّا ومفروغا عنه ؛ إذ لا يصحّ القول بسقوط الوجوب الغيري قبل تحقّق ذي المقدّمة ، بل نحن ننتظر بعد تحقّق المقدّمة ترتّب ذيها عليها ، فإن ترتّب فإنّه يستكشف تعلّق الوجوب الغيري بها وسقوطه بالموافقة ، وإن لم يترتّب فيستكشف عدم الوجوب الغيري من أصله ، فلا محلّ للبحث عن سقوطه وعلّة سقوطه.
نكتة :
لا يقال : إنّ الإشكالين غير قابلين للجمع ، بل بينهما تهافت ، فإنّه قال في الإشكال الأوّل : إنّ مراد صاحب الفصول من المقدّمة الموصلة ما يترتّب عقيبه