ذو المقدّمة قهرا ، وعلى هذا لا مورد للإشكال الثاني ؛ لأنّ مورده تحقّق المقدّمة بدون ذيها وفرض الفاصلة بينهما.
لأنّا نقول : إنّ الإشكال الثاني يرد مع قطع النظر ورفع اليد عن الإشكال الأوّل ، وإلّا فلا تصل النوبة إلى الإشكال الثاني.
وهذان الإشكالان وإن كانت لهما جنبة إثباتيّة ولكن يمكن إرجاعهما إلى مقام الثبوت ؛ بأنّ القول بالمقدّمة الموصلة يستلزم انحصار الوجوب الغيري في العلّة التامّة في خصوص الواجبات التوليديّة ، وهذا مستحيل ثبوتا.
وكان لبعض الأعاظم كلام في توجيه قول صاحب الفصول لدفع الإشكالات المذكورة.
قال المحقّق الحائري قدسسره في هذا المقام : «إنّ الطلب متعلّق بالمقدّمات في لحاظ الإيصال لا مقيّدا به حتّى يلزم المحذورات السابقة» (١).
بيان ذلك : أنّ الآمر إذا لاحظ المقدّمات على حدة ومنفكّة عمّا عداها لا يريدها جزما ، فإنّ ذات المقدّمة وإن كانت موردا للإرادة لكن بلحاظ تعلّق الأمر الغيري بها في ظرف ملاحظة باقي المقدّمات معها لا تكون كلّ واحدة مرادة بنحو الإطلاق بحيث تسري الإرادة إلى حال انفكاكها عن باقي المقدّمات ، وإذا لاحظها بأجمعها يريدها بذواتها ؛ لأنّ تلك الذوات بهذه الملاحظة لا تنفكّ عن ذي المقدّمة والمطلوب الأصلي ، ولذا يتعلّق بها الوجوب الغيري بهذه الملاحظة ، فليس متعلّق الوجوب الغيري المقدّمة المقيّدة بقيد الإيصال ، بل كان متعلّقه ذات المقدّمة بلحظ الإيصال ، وهذا الكلام مساوق للوجدان ، ولا يرد عليه ما ورد على القول باعتبار الإيصال قيدا وإن اتّحد معه
__________________
(١) درر الفوائد : ١١٩.