كلامه ، وهو : أنّ صريح الوجدان قاض بأنّ من يريد شيئا لمجرّد حصول شيء آخر لا يريده إذا وقع مجرّدا عنه ، ويلزم منه أن يكون وقوعه على الوجه المطلوب منوطا بحصوله.
والمحقّق الخراساني قدسسره (١) أجاب عنه بجوابين بعد جواب سائر الأدلّة ، ولكنّ الأوّل منهما مبتني على تفسيره الباطل لكلام صاحب الفصول ، وهو أنّ المراد من المقدّمة الموصلة الإيصال التكويني ، وهذا منحصر في العلّة التامّة في خصوص الواجبات التوليديّة ، ولذا أشكل عليه بأنّ الغرض من المقدّمة لا يكون الإيصال إلى ذي المقدّمة ، بل الغرض منها التمكّن من ذي المقدّمة ، ولا فرق في هذا الأثر بين الموصلة وغيرها ، مع أنّ أصل التفسير ليس بصحيح كما مرّ تفصيله.
ومحصّل جوابه الثاني : أنّه على فرض تسليم أن يكون الغرض من الإرادة الغيريّة المتعلّقة بالمقدّمة هو التوصّل إلى ذي المقدّمة ، ولكنّه لا يستلزم عدم مطلوبيّتها الغيريّة في صورة عدم ترتّب الغاية ؛ لعدم حصول سائر ما له دخل في حصولها ، كيف لا تقع المقدّمة المجرّدة عن ذيها على صفة المطلوبيّة والحال أنّه إن لم تقع على هذه الصفة يلزم أن يكون وجود الغاية من قيود ذيها ومقدّمة لوقوعه على نحو تكون الملازمة بين وجوبه بقيد الإيصال ووجوبها؟! وهذا بديهي البطلان ؛ ضرورة أنّ الغاية لا تكاد تكون قيدا لذي الغاية بحيث كان تخلّفها موجبا لعدم وقوع ذي الغاية على ما هو عليه من المطلوبيّة الغيريّة.
ولعلّ منشأ توهّم صاحب الفصول خلطه بين الجهة التقييديّة والتعليليّة ،
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٨٤ ـ ١٨٦.