حيث إنّ التوصّل بالمقدّمة إلى ذيها علّة لوجوب المقدّمة ، وهو جعله قيدا لمعروض الوجوب، مع أنّ الجهة التعليليّة واسطة في ترتّب الحكم على الموضوع ومن مبادئ نفس الحكم وعلله ، والجهة التقييديّة من قيود متعلّق الحكم وموضوعه.
والتحقيق : أنّ هذا الجواب مع أنّه قابل للدقّة والتوجّه ليس بصحيح ، والحقّ ما استفدناه في أمثال هذا المورد من استاذنا السيّد الإمام قدسسره (١) وهو : أنّ الشائع بين العلماء الافتراق بين الجهات التعليليّة والتقييديّة ، والحال أنّه ليس قابلا للقبول في المسائل العقليّة ؛ إذ لا بدّ فيها من إرجاع العلّة إلى الجهات التقييديّة.
بيان ذلك : أنّ الحاكم بالملازمة بين الوجوب الشرعي لذي المقدّمة والوجوب الشرعي للمقدّمة هو العقل ، فالمسألة عقليّة محضة ، فنسأل حينئذ العقل ونقول : إنّ الوجوب الشرعي الغيري متعلّق بذات المقدّمة أو المقدّمة التي يترتّب عليها ذو المقدّمة؟ وبعد ما عرفت من أنّه لا سبيل للإهمال والإجمال في حكم العقل ومقام الثبوت فلا محالة يحكم العقل إمّا بتعلّقه بنفس المقدّمة مطلقا ، وهذا يرجع إلى كلام المشهور ، وإمّا يحكم بتعلّقه بالمقدّمة الموصلة ، وهذا يرجع إلى القيديّة ؛ إذ لا يتصوّر في مقام الثبوت مع المطلق والمقيّد شيء آخر.
وبالنتيجة بعد فرض تسليم أصل الملازمة فالحق مع صاحب الفصول ، فإنّ دليله المذكور لا يكون قابلا للجواب.
بقي شيء : وهو ثمرة القول بالمقدّمة الموصلة ، وهي : أنّ من ترك الواجب
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢٦٧ ، مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٤٠٠.