وهكذا حصول الفسق بترك المقدّمات ، فإنّ للشارع حكما بأنّ الإصرار على الصغائر يوجب الفسق ، وأنّ مقدّمة الواجب واجبة ، وأمّا ترك واجب كذا مع مقدّماته يوجب تحقّق الفسق ، فلا يكون حكما شرعيّا ، بل هو تطبيق بين الحكمين من ناحية العقل.
وهكذا مسألة أخذ الاجرة على الواجب ، فإنّ ما يرتبط بالشارع عبارة عن وجوب المقدّمة ، وأنّ أخذ الاجرة على الواجب حرام ، والعقل يستفيد منهما أنّه إذا كانت المقدّمة واجبة فأخذ الاجرة عليها حرام ، وهذا لا يرتبط بالشارع ، فلا تكون هذه الموارد من الثمرة ، ولا نحتاج إلى أجوبة صاحب الكفاية قدسسره عنها.
ويمكن أن يقال : إنّه سواء قلنا بالملازمة أو بعدمها لا بدّ من إتيان المقدّمة ، ويلزم على المكلّف بحكم العقل أو الشرع ، فما هي الثمرة التي تترتّب على هذا النزاع عملا؟
وأجاب عنه المحقّق العراقي قدسسره (١) بقوله : وحينئذ فالأولى جعل الثمرة التوسعة في التقرّب ، فإنّه بناء على الملازمة كما يتحقّق القرب بإتيان المقدّمة بقصد التوصّل بها إلى ذيها كذلك يتحقّق بإتيانها بداعي أمرها ومطلوبيّتها لدى المولى ولو غيريّا ، بناء على ما عرفت من صلاحية الأمر الغيري أيضا للمقرّبيّة. وأمّا على القول بعدم الملازمة فلا يكاد يصحّ التقرّب بالمقدّمة إلّا بإتيانها بقصد التوصّل بها إلى ذيها.
وأشار أيضا إلى ثمرة اخرى ، توضيح ذلك : أنّ ممّا يوجب تحقّق الضمان وثبوت اجرة المثل عبارة عن أمر الآمر للحمّال ـ مثلا ـ بحمل وسائله إلى
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ٣٤٠ ـ ٣٤٤.