واجبا نفسيّا مثل أداء الدين فيمكن قصد القربة به واستحقاق المثوبة ، وإن كان واجبا غيريّا فلا يصلح وجوبه للداعويّة والمقرّبيّة ، ولذا أشكل وصعب علينا تصحيح عباديّة الطهارات الثلاث كما مرّ مفصّلا ، ولعلّه نسي هذه المباحث وقال بإمكان قصد القربة به بعنوان الثمرة العمليّة مع أنّه لا يمكن به قصد القربة ؛ لعدم صلاحيّة الأمر الغيري للداعويّة والمقرّبيّة.
وهكذا مسألة أخذ الاجرة ، فإنّ مورد القاعدة الكلّيّة المذكورة في باب الضمان عبارة عمّا إذا أتى المأمور العمل بداعي الأمر فقط ؛ إذ الحمّال لو نذر أن يحمل في كلّ يوم حملا في سبيل الله وحمله في المثال بهذا الداعي فلا شكّ في عدم استحقاقه ، وعلى هذا يمكن أن يكون الداعي لإتيانه بالمقدّمات عبارة عن اللابدّيّة العقليّة لا أمر الآمر ، فهو يأتي بها وإن قلنا بعدم الملازمة.
ويمكن أن يقال : إنّ بين المثال وما نحن فيه فرقا ؛ إذ الحمّال نذر أن يحمله مجّانا ، وهاهنا إن لم يكن الأمر بذي المقدّمة من ناحيته لم يكن من اللابدّيّة العقليّة أثر ولا خبر ، فهو على أيّ حال مستند إلى أمر الآمر كما لا يخفى.
وجوابه : أنّه أتى بالمقدّمة بدون ذي المقدّمة ، فلا دخل للآمر في إيجادها أصلا ؛ إذ لو كان له دخل لدعاه إلى ذي المقدّمة أيضا ، فنستفيد من ذلك أنّ تمام المحرّك والداعي عبارة عن اللابدّيّة العقليّة ، ولذا لا يستحقّ الاجرة.
ومن هنا نرجع إلى الثمرات الثلاث المذكورة في الكفاية ونقول : إنّها ليست ثمرة مستقيمة للمسألة الاصوليّة كما قال به المحقّق الخراساني قدسسره ، ولكن لا بأس في كونها ثمرة عمليّة وثمرة مع الواسطة للمسألة ، فتكون ثمرة البحث الاصولي عبارة عن وجوب الوضوء شرعا ، وثمرته عملا عبارة عن الوفاء بالنذر بعد إتيانه على القول بالملازمة ، وعدمه على القول بإنكارها ، وما أورد عليها صاحب الكفاية من الإشكال يكون قابلا للجواب.