اصوليّة ، سواء كانت الملازمة بين الإرادتين أو بين الوجوبين ، فإنّ الملاك الاصولي ـ أي الوقوع في طريق استنباط الأحكام الفرعيّة ـ متحقّق في ما نحن فيه.
والقائل بكلاميّة المسألة يقول : إنّ البحث هاهنا بحث عقلي ، فلا محالة يكون البحث كلاميّا ، ولم يلتفت إلى أنّ كلّ مسألة كلاميّة مسألة عقليّة ، وليس كلّ مسألة عقليّة مسألة كلاميّة ، فلا أساس لهذا القول ، كما أنّ احتمال كونها من مبادئ الأحكام تخيّل محض ، فإنّها عبارة عن البحث عن العوارض وشئون الأحكام الخمسة كالبحث عن ماهيّة الوجوب ، وأنّ التضادّ بين الوجوب والحرمة متحقّق أم لا؟ وأمثال ذلك ، والبحث عن مقدّمة الواجب أجنبي عن ذلك ، فتكون المسألة مسألة اصوليّة.
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) دخل في تقسيمات المقدّمة وقال : «إنّه ربما تنقسم المقدّمة إلى تقسيمات : منها : تقسيمها إلى الداخليّة ، وهي الأجزاء المأخوذة في الماهيّة المأمور بها ـ أي المقولات المتباينة التي اعتبرها الشارع واحدا ، كالركوع والسجود بالنسبة إلى الصلاة ـ والخارجيّة وهي الامور الخارجة عن ماهيّتها ممّا لا تكاد توجد بدونها ، مثل نصب السلّم بالنسبة إلى الكون على السطح.
وربما يشكل كون الأجزاء مقدّمة لها وسابقة عليها ، بأنّ المركّب ليس نفس الأجزاء بأسرها.
وحاصل الإشكال : أنّ المعتبر في المقدّمة خصوصيّتان : الاولى : التغاير بينها وبين ذي المقدّمة من حيث الوجود ، الثانية : تقدّمها على ذي المقدّمة من حيث الزمان. وهاتان الخصوصيّتان لا تتحقّقان في الأجزاء ؛ إذ الأجزاء عين
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٤٠ ـ ١٤١.