أحد بأنّها منها فيمكن قوله في هذه المسألة بكونها مسألة لفظيّة ، ويؤيّده البحث عن مقدّمة الواجب في مباحث الألفاظ.
وأمّا على القول بعدم كونها من الدلالة اللفظيّة وأنّ العقل ينتقل من طريق الملازمة إلى اللازم فتكون مسألة عقليّة ، ولا يمكن عدّها من مباحث الألفاظ.
إذا عرفت هذا فنقول : تترتّب ثمرة مهمّة على مبنى الإمام وما قلنا به في ما نحن فيه ، وهي أنّ الإمام قدسسره (١) يقول : إنّ البحث في مقدّمة الواجب لا يكون بحثا لفظيّا وإن كانت الدلالة الالتزاميّة من مباحث الألفاظ ، فإنّ طرفي الملازمة هاهنا عبارة عن الإرادتين ، ولا تكون إحداهما مفاد اللفظ ومدلوله ، واللفظ كاشف عن إرادة المولى لا بما أنّه لفظ ، بل بما أنّه فعل من أفعاله الاختياريّة ، وكلّ عمل اختياري يكشف عن ثبوت الإرادة قبل العمل ، وهذا غير دلالة اللفظ على الإرادة ، فالمسألة عقليّة.
وأمّا على القول بجعل طرفي الملازمة عبارة عن الوجوبين ، فيكون الوجوب مفاد اللفظ وهيئة «افعل» ، وعلى هذا تكون المسألة مسألة عقليّة.
البحث الثاني : في ما أشرنا إليه سابقا من أنّ البحث عن مقدّمة الواجب مسألة فقهيّة أو اصوليّة أو كلاميّة أو من المبادئ الأحكاميّة ، على اختلاف المباني والأنظار ، وقلنا : إنّ عنوان البحث إن كان بأنّ مقدّمة الواجب واجب أم لا كما يكون كذلك في أكثر الكتب الاصوليّة فلا شكّ في كونها مسألة فقهيّة ، فإنّ الملاك الفقهي ـ أي كون الموضوع فعلا من أفعال المكلّف ـ متحقّق هاهنا ، وتقدّم أنّ كلّيّة العنوان لا يمنع عن فقهيّة المسألة.
وأمّا إن كان عنوان البحث عبارة عن الملازمة فتكون المسألة مسألة
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.