كقوله : «اشتر اللحم» بدون «ادخل السوق» ، فيكون حلّ مسألة طرفي الملازمة بأنّ الواجب كما ينقسم إلى النفسي والغيري كذلك ينقسم إلى الأصلي والتبعي.
وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) : «إنّ هذا التقسيم يرتبط بمقام الثبوت ولا يرتبط بمقام الإثبات ودلالة اللفظ».
والمراد من الأصلي ما يلاحظه المولى مستقلّا وتتعلّق به إرادته ، وهو يتصوّر في الواجب النفسي والغيري.
والمراد من التبعي ما لا يلاحظه المولى مستقلّا ولم تتعلّق به إرادته كذلك ، بل تكون الإرادة المتعلّقة به بتبع الإرادة المتعلّقة بشيء آخر ، وهذا يتصوّر في الواجبات الغيريّة فقط ، فالواجب الغيري قد يكون أصليّا وقد يكون تبعيّا ، وبناء على هذا تتحقّق الملازمة بين الوجوبين في صورة اكتفاء المولى بوجوب ذي المقدّمة أيضا ، إلّا أنّ وجوب المقدّمة يتحقّق تبعا ، ولذا ينتهي النظر بعد التحقيق المستوفى بجعل الملازمة بين الوجوبين ومع الإصلاح المذكور.
وقبل الورود في بحث التقسيمات لا بدّ لنا من بحثين :
الأوّل : في أنّ هذه المسألة عقليّة محضة أو لفظيّة؟ وقد تقدّم أن نقلنا عن صاحب الكفاية قدسسره القول بأنّها عقليّة محضة ، ولكنّ المنطقيّين قالوا : إنّ الدلالة قد تكون بنحو المطابقة ، وقد تكون بنحو التضمّن ، وقد تكون بنحو الالتزام ، ولا شكّ في أنّ الدلالة المطابقيّة وكذا التضمّنيّة دلالة لفظيّة ، وأمّا الدلالة الالتزاميّة ففيها كلام ؛ لأنّها عبارة عن دلالة اللفظ على الملزوم ، ونحن ننتقل منه إلى اللازم ، ولا دليل لجعل لازم الموضوع من الدلالة اللفظيّة ، ولو التزم
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٣٩.