إلى ما يراه المولى مقدّمة ، يعني أنّه أوّلا : التفت إلى المقدّمة ، وثانيا : أنّه قد يعتقد بمقدّميّة ما لم تكن مقدّمة ، فتتحقّق بعده إرادته ، ولا يكون هذا مخالفا لطرف الملازمة.
الجهة الثانية ترتبط بالعبد ، وهي : أنّ وظيفته الأصليّة عبارة عن تحصيل غرض المولى من أيّ طريق أمكن ، وإن كانت المقدّمة مغفولا عنها للمولى فلا يجوز له تركها في مقام الامتثال ، فإنّ مع تركها يترك ذا المقدّمة أيضا ، كما أنّه إذا تعلّقت إرادته بشيء لتوهّم كونه مقدّمة فلا يجب على العبد إيجاده. ومع الالتفات إلى هاتين الجهتين تندفع جميع الإشكالات.
ولكن يرد عليه : أنّه سلّمنا إن جعلنا أحد طرفي الملازمة عبارة عمّا يراه المولى مقدّمة يوجب حلّ الإشكالات المذكورة إلّا أنّه يستلزم إشكالا آخر ، وهو أنّ المولى إن التفت إلى مقدّمية المقدّمة ـ مثل : دخول السوق بالنسبة إلى شراء اللحم ـ فهل يجوز له الاكتفاء بالأمر بذي المقدّمة فقط أو لا بدّ له من الأمر بالمقدّمة أيضا ، وإلّا يكون الأمر ناقصا؟ والثاني مخالف للوجدان والاستعمالات العرفيّة وأوامر الموالي العرفيّة ، فلا يكون قابلا للبحث.
وإن قلنا بالأوّل فنسأل أنّه ما الدليل على تحقّق المراد بعد إرادة ذي المقدّمة وعدم تحقّقه بعد إرادة المقدّمة مع أنّك تقول بالملازمة بين الإرادتين؟!
والحقّ أنّ طرفي الملازمة عبارة عن وجوب المتعلّق بذي المقدّمة ووجوب المتعلّق إلى ما يراه المولى مقدّمة ، مع إصلاح من الإمام قدسسره ، وحينئذ إن قلنا بالملازمة ففي الأحكام الشرعيّة نقول : إنّ الشارع كما أوجب ذا المقدّمة كذلك أوجب المقدّمة ، ولكن يمكن أن لا يصل إلينا في بعض الموارد. وأمّا عدم صدور الأمر إلى المقدّمة من الموالي العرفيّة مع التفاته إلى مقدّمية المقدّمة ،