يتخيّل تحقّق الفائدة ، ولذا تتحقّق الإرادة وبعدها يتحقّق المراد ، ثمّ ينكشف عدم تحقّق الفائدة واقعا بحيث إن التفت إليه حين الإرادة لم يتحقّق منه التصديق بالفائدة أصلا ، كما أنّه في مقام التصديق بالفائدة ربما يتخيّل عدم تحقّق الفائدة ، ويعتقد أنّ هذا الشيء خال من الفائدة ، ولذا لا تتحقّق الإرادة والمراد منه ، ثمّ ينكشف ترتّب فائدة مهمّة عليه بحيث إن التفت إليه حين الإرادة تتحقّق منه الإرادة قطعا.
وهكذا في الإرادة المتعلّقة ببعث الغير إلى فعل ، فإنّه قد يصدر البعث عن الآمر إلى ذي المقدّمة مع أنّه غافل عن مقدّميّة المقدّمة ، ويمكن أن يتخيّل بعض الامور مقدّمة للمأمور به مع أنّه لا يرتبط بحسب الواقع به أصلا. وإن لم يمكن نسبة هاتين الجهتين ـ أي الغفلة عن المقدّمة والخطأ في التشخيص ـ إلى الشارع فلا يجري هذا المعنى في الأحكام الشرعيّة ، ولكنّ هذا البحث لا ينحصر في الأحكام الشرعيّة ، بل هو عام يشمل جميع الأوامر المتحقّقة بين الموالي والعبيد والآباء والأبناء وأمثال ذلك ؛ إذ الحاكم في المسألة عبارة عن العقل بدون أن تكون المسألة فقهيّة أو اصوليّة ، إلّا أنّ النتيجة التي تستفاد من غفلة الآمر عن المقدّمة أو خطائه في تشخيص بعض المقدّمات تجري في الأحكام الشرعيّة أيضا.
ثمّ إنّ الإمام قدسسره استنتج بأنّه لا بدّ لنا من جعل محلّ النزاع في ما نحن فيه عبارة عن الملازمة بين الإرادة الفعليّة المتعلّقة بالبعث إلى ذي المقدّمة والإرادة الفعليّة المتعلّقة بالبعث إلى ما يراه المولى مقدّمة ، فتكون للمسألة جهتان :
الاولى ترتبط بالمولى ، وهي : أنّ طرفي الملازمة عبارة عن الإرادة الحتميّة الفعليّة المتعلّقة بالبعث إلى ذي المقدّمة والإرادة الحتميّة الفعليّة المتعلّقة بالبعث