وإن كانت من الامور الغير الاختياريّة عنده فهي لا تتّصف بالحرمة الغيريّة بلحاظ عدم قابليّتها لتعلّق التكليف بها ، وسائر المقدّمات لا تكون محرّمة بلحاظ عدم استناد الحرام إليها.
هذا ، وأورد عليه استاذنا السيّد (١) بأنّ لازم العنوان الذي ذكره قدسسره للقسم الثاني خروج الإرادة عن رديف سائر المقدّمات ودخولها في دائرة ذي المقدّمة وتعلّق الحرمة النفسيّة بها ، فإنّه عبارة عن فعل كان للإرادة دخل في مبغوضيّته ؛ بحيث إن وقع لا عن إرادة لا يتحقّق مبغوضا للمولى كشرب المسكر مثلا.
ولكنّه ليس بوارد عليه ؛ لأنّ دخالة الإرادة في المبغوضيّة قد تكون بصورة الجزئيّة ، مثل : قول المولى بأنّ شرب المسكر وإرادته معا حرام ، وقد تكون بصورة القيديّة كقوله : «شرب المسكر الصادر عن إرادة حرام» ، وليس معناه أن تكون الإرادة جزء المنهي عنه والمحرّم ، بل هي خارجة عن دائرة الحرام النفسي ، والتقيّد بها جزء له.
والحاصل : أنّ نتيجة البحث في مقدّمة الحرام أنّا ننكر الملازمة رأسا كما تقدّم في بحث مقدّمة الواجب. نعم ، قد تكون حرمتها بعنوان التجرّي ، وعلى فرض تسليم الملازمة يكون المحرّم هو الجزء الأخير للعلّة التامّة ، وهو قد يكون عبارة عن الإرادة ، وقد يكون عبارة عن غيرها كما مرّ بيانه.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢٨٣.