في الأفعال التوليديّة يحتاج إليها ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، وإذا اتّصفت مقدّمة الأخير بالحرمة فلا بدّ من كونها في كليهما كذلك.
ولا يخفى أنّ بيان الإمام قدسسره مع صحّته ودقّته يحتاج إلى تبصرة بأنّه تتحقّق لنا موارد لا فاصلة بين الإرادة والمراد ، كما إذا كانت العلّة التامّة لتحقّق المراد عبارة عن نفس الإرادة ، مثل : غمض العين وفتحها وحركة اليد وأمثال ذلك ، فما قال به من تحقّق الفاصلة بين الإرادة والمراد صحيح ، ولكنّه لا بصورة الموجبة الكلّيّة ، ولذا قال المشهور في تعريف الإرادة : أنّها عبارة عن الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو المراد ، ومعلوم أنّها إذا تعلّقت بنفس تحريك العضلات لا يتحقّق بينهما فاصلة.
والمحقّق الحائري قدسسره (١) فصّل بين ما يكون العنوان بما هو مبغوضا من دون تقييد بالاختيار وإن كان له دخل في استحقاق العقاب ، مثل : قتل النفس ، وبين ما يكون المبغوض الفعل الصادر عن إرادة واختيار ، ففي الأوّل تكون إحدى المقدّمات لا بعينها محرّمة ، إلّا إذا وجد باقي الأجزاء وانحصر اختيار المكلّف في واحدة منها فتحرم عليه هذه الباقية بعينها ، وفي الثاني لا تتّصف الأجزاء الخارجيّة بالحرمة ؛ لأنّ العلّة التامّة للحرام هي المجموع المركّب منها ومن الإرادة ، ولا يصحّ إسناد الترك إلّا إلى عدم الإرادة ؛ لأنّه أسبق رتبة من سائر المقدّمات الخارجيّة. انتهى.
ولازم كلامه في القسم الأوّل أنّ المقدّمة إن كانت منحصرة بمقدّمة واحدة فهي تتّصف بالحرمة الغيريّة بعنوان العلّة التامّة للحرام ، وأمّا في القسم الثاني إن كانت الإرادة عنده من الامور الاختياريّة فهي تتّصف بالحرمة الغيريّة ،
__________________
(١) درر الفوائد : ١٣٠ ـ ١٣٢.