القول بأنّهما شيء واحد ، ولا شكّ في أنّ كلمة «يقتضي» لا تستعمل فيما نحن فيه بمعناه الحقيقي ؛ إذ لا يكون بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه العلّيّة والمعلوليّة والتأثير والتأثّر ، فإنّهما أمران اعتباريّان ، فلا بدّ من استعماله بعنوان المجاز.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ استعمال اللفظ في غير الموضوع له يحتاج إلى العلاقة ، سواء كان المجاز بمعنى المشهور أو بالمعنى الذي اختاره الإمام قدسسره أي جعل المعنى المجازي مصداقا ادّعائيّا للمعنى الحقيقي ، فكيف يمكن ادّعاء العينيّة بين الأمر بالشيء والنهي عن ضدّه؟ واستعمال كلمة «يقتضي» هاهنا مع فقدان كلتا الخصوصيّتين المعتبرتين في معناه الحقيقي ، ففي مورد العينيّة لا يكون مجوّزا ومصحّحا لاستعمال كلمة «الاقتضاء». وهكذا إن كانت كلمة «يقتضي» بمعنى التضمّن ـ أي النهي عن الضدّ يكون بعض مدلول الأمر بالشيء ـ فلا يصحّ استعماله ولو مجازا ، ولا يصحّ القول بأنّ الكلّ مقتض لجزئه ؛ إذ يشترط في الاقتضاء المغايرة ، والجزء والكلّ مشتمل أحدهما للآخر وليس بمتغايرين.
والحقّ أنّ كلمة «يقتضي» لا تكون بمعنى العينيّة والجزئيّة أصلا ، فإنّ معنى العينيّة في المثال أنّ ما يفهم من الأمر بالإزالة عين ما يفهم من النهي عن الصلاة ، مع أنّه لا يتبادر منه أصلا ، بل لا يصحّ هذا المعنى بالنسبة إلى الضدّ العامّ ـ يعني ترك الإزالة ـ فضلا عن الضدّ الخاصّ ، فادّعاء العينيّة واضح البطلان. وهكذا ادّعاء الجزئيّة.
وما قاله في المعالم : من أنّ الوجوب هو طلب الفعل مع المنع عن الترك (١) فهو مخدوش : أوّلا : بأنّه على فرض صحّته في الضدّ العامّ لا يصحّ في الضدّ
__________________
(١) معالم الدين : ٦٣.