صرّح به بعض ، وذلك لما عرفت من كون الأجزاء بالأسر عين المأمور به ذاتا ، وإنّما كانت المغايرة بينهما اعتباريّة ، فتكون واجبة بعين وجوبه ، ومبعوثا إليها بنفس الأمر الباعث إليه ، فلا تكاد تكون واجبة بوجوب آخر ؛ لامتناع اجتماع المثلين.
ثمّ إنّه قدسسره دفع التوهّم الذي يمكن أن يحصل هاهنا ، وحاصل التوهّم : أنّه مع تعدّد الجهة لا يلزم الاجتماع ؛ بأنّ مرحلة تعلّق التكليف بطبيعة المأمور به في عالم المفهوم من المولى غير مرحلة الامتثال في الخارج من المكلّف ، وتعدّد الجهة والعنوان في مرحلة الاولى يكفي في تعلّق الأمرين المتضادّين أو مثلين كالصلاة الواقعة في الدار المغصوبة ، فإنّها من جهة كونها صلاة واجبة ، ومن جهة كونها غصبا حرام ، والمفروض تعدّدها في ما نحن فيه ، حيث إنّ متعلّق الوجوب النفسي هي الأجزاء بعنوان كونها عين الكلّ ومتعلّق الوجوب الغيري هي الأجزاء بعنوان كونها مقدّمة لوجود الكلّ ، والاجتماع بين العنوانين في الخارج لا يوجب الضرر بالتغاير المتحقّق بينهما في مقام تعلّق التكليف ، فيجوز اجتماع الأمرين هاهنا أيضا.
وتوضيح جوابه قدسسره عنه : أنّ الجهة إمّا تقييديّة ، وهي ما يقع موضوعا للخطاب ، وإمّا تعليليّة وهي ما يكون علّة للحكم لا موضوعا له ، فإن كانت الجهة تقييديّة فتعدّدها يجدي في دفع محذور اجتماع الحكمين على موضوع واحد ؛ إذ المفروض تعدّد الموضوع بتعدّد الجهة ، ولذا يندرج في باب التزاحم لا التعارض. وإن كانت الجهة تعليلية فتعدّدها لا يجدي في دفع المحذور المذكور ؛ لعدم تعلّق الحكم بالجهة حتّى يكون تعدّدها موجبا لتعدّد الموضوع.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ للصلاة في مثل (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) جهة تقييديّة ،