فإنّها عبارة عن الركوع والسجود وسائر الأجزاء ، فلا إشكال من جهة تعلّق الوجوب النفسي بالأجزاء ، وأمّا من جهة الوجوب الغيري فلا شكّ في أنّ متعلّقه عبارة عن ذات المقدّمة لا عنوانها ومفهومها ؛ إذ لا يمكن الإيصال إلى السطح بسبب مفهوم المقدّمة ، فيكون موضوعه ذات المقدّمة ، وعلّة وجوبه عنوان المقدّميّة ، وعلى هذا تكون المقدّميّة من الجهات التعليليّة وإن كانت الأجزاء متعلّقة بالوجوب الغيري أيضا ، والمفروض أنّها عين الكلّ فتصير متعلّقة للحكمين المتماثلين ، فالوجوب العارض لها نفسي لا غيري ، ولذا لا يمكن أن تكون المقدّمات الداخليّة داخلة في محلّ النزاع.
وملخّص كلامه : أنّه كان للأجزاء عنوان المقدّميّة ، سواء كان المركّب حقيقيّا بالأجزاء التحليليّة العقليّة ـ كالجنس والفصل للماهيّة ـ أو بالأجزاء الخارجيّة ـ كالهيولى والصورة للإنسان ـ أم كان المركّب غير حقيقيّا صناعيّا ـ كالمسجد والسيارة ـ أو اعتباريّا كالصلاة والحجّ ، ولكنّه أنكر دخول الأجزاء في محلّ النزاع.
وأمّا الإمام قدسسره (١) فأنكر أصل المقدّميّة في المركّبات الحقيقيّة ، واستدلّ بأنّه يشترط في المقدّميّة المغايرة مع ذي المقدّمة ولو اعتبارا ، وهو مفقود هاهنا ؛ إذ العقل يأبى عن القول بأنّ الحيوان أو الناطق مقدّمة لماهيّة الإنسان ، وكذا المادّة والصورة ؛ فإنّهما عين الإنسان ، لا أنّ المادّة ـ مثلا ـ مقدّمة لوجود الإنسان وسلّم في المركّبات الغير الحقيقيّة ، فكلتا المرحلتين من البحث ـ أي عنوان المقدّميّة للأجزاء ودخولها في محلّ النزاع ـ من دون فرق بين المركّب الصناعي والاعتباري. وقال : «توضيح المقام يتوقّف على بيان كيفيّة الإرادة
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٨.