الفاعليّة ؛ كي يعلم منه حال الإرادة الآمريّة».
ومحصّل كلامه : أنّه إذا تعلّقت إرادة الإنسان ببناء المسجد ـ مثلا ـ للتوصّل به إلى ما فيه من المصلحة والأجر ، كما يدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآله : «من بنى مسجدا ـ كمفحص القطاة ـ بنى الله له بيتا في الجنّة» (١) فلا بدّ قبل تحقّق الإرادة من تحقّق مبادئها من التصوّر والتصديق بالفائدة وسائر المبادئ ، ولا شكّ في أنّ بناء المسجد يتوقّف على موادّ مختلفة الحقائق من حيث الكمّية والكيفيّة ، فنسأل الآن أنّه يلزم على المريد حين الإرادة تصوّر جميع الموارد الملازمة كمّا وكيفا ، وإلّا تكون الإرادة ناقصة؟ وبعبارة اخرى هل يتحقّق الفرق بين إرادة الملتفت إليها والغافل عنها من حيث النقص والكمال؟ ومن البديهي أنّه لا فرق بينهما ، ولذا يتحقّق مرادهما في الخارج.
ففي بادئ الأمر تتعلّق الإرادة بأصل بناء المسجد وإحداثه ، فإذا التفت إلى توقّفه على الأرض والأحجار والأخشاب ـ مثلا ـ فلا محالة تحتاج إرادة كلّ منها إلى المبادئ من التصوّر والتصديق بفائدتها ، أي التمكّن بها من بناء المسجد ثمّ تتعلّق الإرادة بها ، فتعدّد الإرادة بتعدّد المراد ، ويشهد له تعلّق الإرادة ببناء المسجد في حال كونه غافلا عن الأجزاء والمواد ، فهذه إرادة واحدة مستقلّة ، والإرادة المتعلّقة بكلّ واحد من المقدّمات إرادة مستقلّة اخرى ، وهكذا إرادات المتعلّقات بالمقدّمات الخارجيّة مثل : استئجار البناء والمهندس وأمثال ذلك.
وبالنتيجة : الإرادة المتعلّقة بالمركّب الصناعي غير الإرادة المتعلّقة بالمقدّمات ، مع أنّ المركّب الصناعي ـ مثل المسجد ـ عنوان من العناوين
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٢٠٤ ، الباب ٨ من أحكام المساجد ، الحديث ٢.