دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدّم أحدهما على الآخر ، كما لا يخفى ، فلا بدّ للمقدّمة أن تكون متقدّمة على ذيها زمانا ، ولا أقلّ من التقدّم الرتبي ، وهذه الملاءمة تقتضي التقارن الرتبي ونفي المقدّميّة.
والتحقيق : أنّ هذا البيان مع قطع النظر عن ذيله قابل للمناقشة ؛ لأنّ غاية ما يستفاد منه عبارة عن أنّ الملاءمة تتحقّق بين وجوب الإزالة وترك الصلاة ، ولا يكون لازم ذلك التقارن بينهما ؛ إذ يمكن أن تتحقّق الملاءمة بين الشيئين من دون أن يكون بينهما تقارن أصلا ، فإنّه يتحقّق كمال الملاءمة بين عدم العلّة وعدم المعلول ، بحيث قالوا في باب المسامحة : إنّ عدم العلّة علّة لعدم المعلول ، ومع ذلك لا يصحّ القول بالتقارن بينهما ، وينفيه صاحب الكفاية قدسسره (١) في مسألة الضدّ كما سيأتي قوله بأنّ النقيضين في رتبة واحدة ، فإن كان وجود العلّة متقدّما على وجود المعلول يكون عدمها أيضا متقدّما على عدمه ، وإلّا يلزم أن يتحقّق النقيضان في رتبتين ، وهذا دليل على بطلان برهانه قدسسره ؛ إذ الملاءمة لا تستلزم التقارن ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني قدسسره أضاف في ذيل كلامه تشبيها بقوله : «فكما أنّ المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر كذلك في المتضادّين».
وقال تلميذه الشيخ عليّ القوچاني قدسسره (٢) في توضيح هذه العبارة : إنّ مقصوده ليس صرف التشبيه ، بل هو استدلال مستحكم ، ونصّ كلامه في حاشيته : «أنّه لا خفاء في أنّ النقيض للوجود هو العدم البدلي الكائن في مرتبته ، وإلّا لزم ارتفاع النقيضين في مرتبة سلب أحدهما مقدّمة للآخر ، فظهر أنّ هذا النحو من
__________________
(٢) كفاية الاصول المطبوع مع حاشية القوچاني : ١١٢.