التعاند لا يقتضي إلّا تبادلهما في التحقّق ، لا ارتفاع أحدهما أوّلا ثمّ تحقّق الآخر ثانيا ، وحيث عرفت ذلك في النقيضين فكذلك الوجودان المتقابلان».
توضيح ذلك : أنّ النقيضين في رتبة واحدة ؛ بمعنى أنّ الوجود في ظرف معيّن من الزمان أو في مرتبة من مراتب الواقع ليس نقيضه إلّا العدم في ذلك الظرف أو المرتبة ؛ إذ لا تعاند في غير هذا الوجه ، فإنّ عدم «زيد» في الغد لا يعاند وجوده في اليوم ، وعدم المعلول في رتبة العلّة لا يباين وجوده في مرتبة نفسه.
وإن شئت فعبّر : أنّ نقيض الشيء بديله ، فنقيض شيء في زمان أو رتبة هو عدمه الذي في ذلك الزمان وفي تلك الرتبة ، وإلّا يلزم اجتماع النقيضين ، فالمعلول معدوم في رتبة العلّة ، وموجود في رتبة متأخّرة منها ، فنقيض الوجود في رتبة العلّة هو العدم في رتبتها. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ الضدّين أيضا في مرتبة واحدة ؛ إذ لو فرضنا تحقّق أحد الضدّين ـ كالبياض ـ في ظرف من الزمان وفي موضوع معيّن فضدّه هو السواد في تلك القطعة وفي هذا الموضوع المتعيّن ؛ لعدم المنافاة لو تحقّقا في قطعتين أو موضوعين ، فالبينونيّة الحقيقيّة بين الضدّين لا تتحقّق إلّا بالمطاردة ، وهي تتوقّف على ما ذكرناه.
وببيان آخر : أنّ مناط امتناع اجتماع الضدّين هو لزوم اجتماع النقيضين الذي هو أمّ القضايا ، ومناط الامتناع فيه إنّما يكون مع وحدة الرتبة كما تقدّم فكذلك في اجتماع الضدّين.
ونتيجة هاتين المقدّمتين : أنّه كان أحد الضدّين مع نقيض الآخر في رتبة واحدة ، فعلم أنّ البياض مع نقيضه في رتبة واحدة ، كما علم أنّ البياض مع السواد واقعان مرتبة واحدة أيضا ، والقائل بالاقتضاء يدّعي مقدّميّة ترك