محضة عند القائل بالمقدّميّة ونافيها ، فاللازم عدم خروج البحث عن محدودة العقل ، قال : إنّ من القضايا ما هو على الظاهر قضيّة موجبة ، وإن كانت بحسب الواقع أيضا موجبة لا بدّ من جريان قاعدة فرعيّة فيها ، أي ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت مثبت له ، إلّا أنّ ثبوت الموضوع والمثبت له يتفاوت بتناسب المحمول ، إن كان المحمول أمرا خارجيّا ، مثل : «الجسم أبيض» لا بدّ لموضوعه من التحقّق الخارجي ، وإن كان المحمول أمرا ذهنيّا ـ مثل : «الإنسان كلّي» لا بدّ لموضوعه من التحقّق الذهني ، وإن كان المحمول أمرا مربوطا بعالم التقرّر والثبوت وما يعبّر عنه بنفس الأمر لا بدّ لموضوعه أيضا أن يكون كذلك ، مثل : «الإنسان ماهيّة من الماهيّات».
واستشكل عليه بأنّ من القضايا ما تكون على الظاهر موجبة ، مثل : «اجتماع النقيضين محال» ، والقاعدة الفرعيّة وجود الموضوع في الخارج ، والقول بأنّ اجتماع النقيضين الموجود في الخارج محال ؛ إذ لا شكّ في أنّ وجوده الذهني لا يتّصف بالمحالية ، فكيف تجري القاعدة هنا؟!
وجوابه : أنّ هذا النحو من القضايا وإن كانت بحسب الظاهر موجبة ولكنّها بحسب الواقع قضيّة سالبة محصّلة ، وقد مرّ أنّها مع انتفاء الموضوع أيضا تكون صادقة ، ومعناه أنّ اجتماع النقيضين لا يتحقّق في الخارج أصلا ، وهكذا في مثل شريك الباري ممتنع ، فلا بدّ للقضيّة الموجبة الحمليّة من موضوع حقيقي وواقعي يناسب المحمول.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّ كلا الفريقين فيما نحن فيه في مقام تشكيل القضيّة ؛ إذ القائل بالمقدّميّة يقول : بأنّ عدم أحد الضدّين مقدّمة للضدّ الآخر ، والقائل بوحدة الرتبة يقول : بأنّ عدم أحد الضدّين متّحد رتبة مع الضدّ الآخر ، وفي