وقد يكون المتقدّم مصحّحا لفاعليّة الفاعل ، مثل : مجاورة الجسم ومحاذاته للنار فإنّه مصحّح لتأثير النار في الإحراق ، وقد يكون للمتقدّم دخل في أنّه متمّم لقابليّة القابل مثل : خلوّ الجسم عن الرطوبة ، ومثل : عدم سواد الجسم لعروض البياض عليه ، فخلوّ الجسم من عرض السواد متمّم لقابليّة الجسم لعروض البياض عليه ، كما أنّ عدم الرطوبة متمّم لقابليّته للإحراق.
ثمّ قال : إنّ المحقّق الخراساني قدسسره تمسّك لنفي المقدّميّة بلزوم الدور ؛ بأنّه لو توقّف وجود أحد الضدّين ـ كالسواد ـ على عدم الضدّ الآخر ـ كعدم البياض ـ توقّف الشيء على عدم مانعة ، فعدم البياض أيضا متوقّف على وجود السواد توقّف العدم على وجود مانعة ؛ لأنّ التوقّف لأجل التمانع من الطرفين ، وعدم البياض قد يكون لعدم المقتضي ، وقد يكون لعدم الشرط ، وفي بعض الأحيان يكون لوجود المانع مثل : السواد ، ولازم ذلك أن يكون كلاهما في رتبة متقدّمة.
ثمّ أجاب عنه بأنّه سلّمنا أنّ وجود السواد متوقّف على عدم البياض ، وهو متمّم لقابليّة القابل ، ولكن عدم البياض لا يتوقّف على وجود السواد ، ولا يصدق فيه أيّ نوع من أنواع التقدّم المذكورة ؛ إذ العدم لا يكون فاعلا ولا قابلا حتّى يكون السواد متمّما لقابليّته أو مصحّحا لفاعليّته.
ثمّ أشكل عليه بأنّ لازم القول بتوقّف وجود أحد الضدّين على عدم الضدّ الآخر تشكيل قضيّة حمليّة ؛ بأنّ عدم أحد الضدّين يكون مقدّمة لوجود الضدّ الآخر ، فكيف تجري هاهنا القاعدة الفرعيّة مع أنّ العدم لا ثبوت له ولا ذات له؟!
ومحصّل جوابه عنه : أنّه يتحقّق سنخ من الواقعيّة الذي لا يكون قابلا