القائل بالاقتضاء لا يكون وجوب ترك الصلاة بعنوان مقدّميّته للإزالة ، بل مدّعاه حرمة الصلاة ، وأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، فلا بدّ له من إثبات أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ ، يعني إذا كان ترك الصلاة بعنوان مقدّمة الواجب واجبا يكون نقيضه ـ أي فعل الصلاة ـ منهيّا عنه ، وكثير من العلماء قائل بهذه المرحلة ، واستدلّوا لإثباتها بطرق مختلفة ، فيدّعي بعض أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن نقيضه ، والبعض الآخر أنّ النهي عن النقيض مدلول تضمّني للأمر بالشيء ، والثالث أنّه لازم بيّن بالمعنى الأخصّ له.
ومدّعي العينيّة يقول : إنّ المولى إذا أراد إيجاد شيء في الخارج فلا فرق بين أن يقول : «أقم الصلاة» أو يقول : «لا تترك الصلاة» ، وبين قوله : «اشتر اللحم» أو «لا تترك شراء اللحم» كعدم الفرق بين قولنا : «جاءني إنسان» و «جاءني بشر» ، فإنّهما كالمترادفين ، فإذا كان ترك الصلاة مقدّمة للإزالة وواجبا من باب الملازمة فلا فرق بين وجوبه والنهي عن فعله ، كما أنّه لا فرق بين الأمر بالإزالة والنهي عن تركها. يحتمل أن يتحقّق حكم واحد فيما يقع شيء مأمور به ، إلّا أنّ ظهوره قد يكون بصورة الأمر بالشيء ، وقد يكون بصورة النهي عن تركه ، ويؤيّده تشبيهه بالمترادفين في مقام الاستدلال.
ويحتمل أن يتحقّق حكمان : أحدهما : يتعلّق بالفعل والآخر بالترك ، ويؤيّده قوله بعدم الفرق بين الضدّ الخاصّ والضدّ العامّ. ومعلوم أنّه يتحقّق في الضدّ الخاصّ حكمان ؛ إذ الأمر بالإزالة غير النهي عن الصلاة ، ونحن نبحث على كلا الاحتمالين إن كان مراد القائل بالعينيّة القول بتعدّد الحكم.
وجوابه : أنّه يستلزم تعدّد العقاب في صورة العصيان والمخالفة ، أحدهما