جزءين كالإذن في الفعل والمنع عن الترك ، وهذا المعنى للوجوب يكون عبارة اخرى عن النهي عن الضدّ العامّ.
ولكنّه أيضا باطل ؛ إذ الوجدان حاكم بأنّ الوجوب أمر والحرمة أمر آخر ، وسيأتي من المحقّق الخراساني قدسسره القول بالتضادّ بين الأحكام ، ومعلوم أنّ الوجوب والحرمة في أعلى درجة من التضادّ ، فلا معنى لأخذ الحرمة في معنى الوجوب.
والتحقيق : أنّ الوجوب أمر بسيط لا تركّب فيه كالحرمة.
وما يستفاد من كلام المحقّق النائيني قدسسره (١) أنّ الأمر بالشيء يدلّ بدلالة التزاميّة على النهي عن النقيض.
توضيح ذلك : أنّ اللزوم قد يكون بيّنا ، وقد يكون غير بيّن ، والبيّن قد يكون بمعنى الأخصّ وهو ما يوجب تصوّر الملزوم الانتقال إلى اللازم ، وقد يكون بمعنى الأعمّ ، وهو ما ينتقل الذهن بعد تصوّر اللازم والملزوم معا إلى تحقّق الارتباط بينهما ، ولزوم غير البيّن ما يحتاج إلى إقامة الدليل ، ولا يكفي صرف التصوّرين لإثبات الارتباط بين اللازم والملزوم ، والمحقّق النائيني قدسسره يدّعي أنّ الذهن ينتقل بمجرّد تصوّر وجوب شيء إلى حرمة تركه. هذا ملخّص كلامه قدسسره.
ولقائل أن يقول : إنّ الوجدان يشهد على خلاف ذلك ، فإنّ انتقال الذهن إلى حرمة الترك عند استماع كلمة الوجوب قليلا ما يتّفق ، ولا يكون هذا الانتقال بصورة الدائم وعدم الانفكاك بينهما.
ولو فرضنا تحقّق هذه الملازمة في مقام التصوّر فههنا احتمالان : الأوّل : أن
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٣٠٣.